الجيف كلها سواء الا جيفة قد أجيفت فان كانت جيفة قد أجيفت فاستق مأة دلو فان غلب عليه الريح بعد مأة دلو فانزحها كلها إلى غير ذلك مما يدل عليه منطوقا ومفهوما هذا كله مضافا إلى امكان استفادته من وقوله تعالى الا أن تكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس بناء على عود الضمير إلى كل واحد من المذكورات وفى المرسل المحكى عن دعائم الاسلام عن الصادق عن ابائه عن النبي صلوات الله عليهم الميتة نجسة وان دبغت فالانصاف انه ليس شئ من أعيان النجاسات بل قلما يتفق في غيرها أيضا ما يكون أبين دليلا من نجاسته الميتة وكثيرة أدلتها مانعة من أن يتطرق فيها الخدشة بضعف السند أو قصور الدلالة فلا ضير في عدم كون بعض اطلاقاتها مسوقة لبيان هذا الحكم فإنه يفهم من جميعها كون نجاستها من الأمور المسلمة فيما توهمه صاحب المعالم على ما حكى عنه من انحصار الدليل للتعميم في الاجماع لنقول وقصور الأخبار الواردة في الميتة عن اثبات نجاستها الا في الموارد الجزئية ضعيف والعجب من تشكيك صاحب المدارك في أصل الحكم أعني نجاسة الميتة بزعمه انحصار دليلها في الاجماع الذي خدشه باستظهاره المخالفة من الصدوق فإنه بعد نقله من المعتبر دعوى اجماع الناس عليها وعن المنتهى الاستدلال عليها بان تحريم ما ليس بمحرم بالأصل ولا فيه ضرر كالسم يدل على نجاسته ومناقشة فيه بالمنع الظاهر قال نعم يمكن الاستدلال عليها بالروايات المتضمنة للنهي عن اكل الزيت ونحوه إذا ماتت فيه الفارة والامر بالاستصباح به لكنه غير صريح في النجاسة وبما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز قال قال أبو عبد الله (ع) لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن و الناب وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكى وان اخذته منه بعد ان يموت فاغسل وصل فيه وجه الدلالة ان الظاهر أن الامر بغسل ما يؤخذ من الدابة بعد الموت انما هو لنجاسته الاجزاء المصاحبة له من الجلد ويتوجه عليه ان الامر بالغسل لا يتعين كونه للنجاسة بل يحتمل ان يكون لإزالة الاجزاء المعلقة به من الجلد المانعة من الصلاة فيه كما يشعر به قوله اغسله وصل فيه وبالجملة فالروايات متظافرة بتحريم الصلاة في جلد الميتة بل الانتفاع به مطلقا واما نجاسته فلم أقف فيها على نص يعتد به مع أن ابن بابويه روى في أوايل كتابه من لا يحضره لفقيه مرسلا عن الصادق عليه السلام انه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والسمن والماء ما نرى فيه فقال لا بأس بان تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن ويتوضأ منه ويشرب ولكن لا تصل فيها وذكر قبل ذلك من غير فصل يعتد به انه لم يقصد في كتابه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه قال بل انما قصدت إلى ايراد ما أفتي به وأحكم بصحته واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربى تقدس ذكره وتعالت قدرته والمسألة قوية الاشكال انتهى ولا يخفى ما فيه بعد الإحاطة بما عرفت واما استفادة المخالفة من ابن بابويه لذكره رواية ظاهرة في الخلاف في غير محلها فإنه لم يقصد بضمانه في أول كتابه صحة جميع ما يورده فيه وكونه حجة بينه وبين ربه الا كون ما يورده من الأخبار الصحيحة التي يجب اتباعها كظاهر الكتاب والسنة القطعية لا بمعنى الاخذ به من دون رعاية ما يقتضيه الجمع بينه وبين غيره من القرائن المتصلة أو المنفصلة فلعل الصدوق ينزل هذه الرواية على إرادة الجلود من غير ذي النفس كما قد يدعى معهودية وضع السمن والزيت في بعضها جمعا بينها وبين غيرها مما دل على عدم جواز الانتفاع بجلد الميتة أو انه يلتزم بطهارة الجلد بالدبغ كما حكى عن ابن الجنيد هذا مع ما ادعاه بعض من رجوع الصدوق عما التزم به في أول كتابه بشهادة التتبع فيما أودعه فيه من الروايات لكن ربما يؤيد التزامه بظاهر هذه الرواية ما حكى عن مقنعه من التصريح بنفي البأس عن أن يتوضأ من الماء إذا كان في زق من جلد الميتة وان احتمل بعض في هذه العبارة أيضا ما لا ينافي المشهور والذي يغلب على الظن التزامه بطهارة الجلد بالدبغ وحمل الرواية عليه كما يشهد كذلك وقوع التصريح به في الفقه الرضوي الذي يتحد فتاوى الصدوق معه غالبا ففي الرضوي على ما حكى عنه وان كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ان يكون مما أحل الله اكله فلا بأس به وكذلك الجلد فان دباغته طهارته وقال بعد هذا الكلام بأسطر قليلة وزكاة الحيوان ذبحة وزكاة الجلود الميتة دباغه انتهى وكيف كان فان أراد بذلك مالا يخالف المشهور أو أراد عدم انفعال الماء القليل بملاقاة الميتة أو غير ذلك مما هو أجنبي عما نحن فيه فلا يهمنا تحقيقه وان أراد به عدم نجاسته جلد الميتة فهو كمستنده شاذ محجوج بما عرفت ومثله في الضعف والشذوذ لو أراد به طهارة الجلد بالدباغ فإنه لم ينقل القول به من أحد منا عدا ما حكى عن ابن الجنيد وعن المحدث الكاشاني في الميل إليه أو القول به وهو لا يخرجه من الشذوذ وقد استفيض نقل الاجماع على خلافه بل عن شرح المفاتيح انه من ضروريات المذهب كحرمة القياس وعن التذكرة ان الاخبار به متواترة ومما يشهد به لابن الجنيد مضافا إلى المرسل والرضوي المتقدمين خبر الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في جلد شاة ميتة يدبغ فيصب فيه اللبن والماء فاشرب منه وأتوضأ قال نعم وقال يدبغ فينتفع به ولا يصلى فيه لكن المتعين طرح مثل هذه الروايات التي اعرض عنها الأصحاب مع موافقتها للعامة ومعارضتها للاخبار المعتبرة المستفيضة التي وقع في بعضها التصريح بان ما تضمنته هذه الروايات من كون الدباغ ذكوة للجلد من مفتريات العامة على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد سمعت في المرسل المحكى
(٥٢٣)