مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥١٨
واما الحسنة فلا تصلح لمعارضة الموثقة لضعف ظهورها بالنسبة إلى الطير بل ربما يدعى انصرافها عنه بعدم معهودية البول للطير أو ندرته كما في الخشاف ولا ينافي ذلك وقوع التصريح بنفي البأس عنه في الموثقة لكونها مسوقة لبيان اعطاء الضابط فلا ينافيه ندرته بل عدم وجوده بالفعل بل يكفي فيه مجرد الفرض الغير المستحيل في العادة وهذا بخلاف الحسنة التي ورد الامر فيها بغسل الثوب من أبواب ما لا يؤكل لحمة فان المتبادر منه إرادة الحيوانات التي يتعارف لها البول ويتعارف وصول بولها إلى الثوب دون الفرضيات هذا مع امكان ان يدعى انصراف اطلاق مأكول اللحم وغيره عن مثل الخشاف ونحوه مما لا اعتداد بلحمة عرفا لكن الانصاف ان دعوى انصراف مثل قوله اغسل ثوبك من بول كل ما لا يؤكل لحمه عن مثل الخشاف مع عموم الابتلاء به ووفور بوله ان كان ما يقذفه من الماء حال الطيران بوله كما هو الظاهر لامن حلقه كما احتمله بعض غير مسموعة فالأولى هو الاعتراف بدلالة الرواية على المدعى لكنها قاصرة عن معارضة الموثقة التي هي صريحة في نفى البأس وكالصريحة في العموم بل يتعذر ارتكاب التخصيص في الموثقة بحملها على إرادة خصوص مأكول اللحم من الطير لان تقييد الموضوع بوصف الطيران من غير أن يكون له مدخلية في الحكم ولا في احراز موضوعه وكون المناط حلية الاكل من غير فرق بين الطاير وغيره في حد ذاته مستهجن عرفا ولو بقرينة متصلة كما لو قال الذي يؤكل لحمه ويطير [الخ] فضلا عن أن يؤخذ الموصوف مستقلا عنوانا للموضوع في مقام اعطاء القاعدة ولو سلم قبولها للتخصيص فلا شبهة في أن التصرف في الحسنة أهون ولو سلم المكافئة الموجبة لاجمال الروايتين في مورد الاجتماع فالمرجع على الأظهر عموم كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر لا المرجحات السندية كما في المتعارضين المتباينين ولو سلم الرجوع إلى المرجحات السندية أيضا لا يبعد أرجحية الموثقة لأوثقية رجالها ولا أقل من مكافئتها للحسنة وتوهم كون الحسنة مشهورة بين الأصحاب فتترجح بذلك على الموثقة * (مدفوع) * بان المسلم فتوى المشهور بمضمون الحسنة ولم يثبت بل لم يظن باستنادهم إليها في فتواهم حتى يترجح بذلك سندها بل المظنون كون الموثقة من الروايات المشهورة التي عرفها كل الأصحاب و عمل بها بعضهم وطرحها الآخرون وهذا لا يوجب وهنا في سندها ولو سلم أرجحية الحسنة بواسطة الشهرة بل سقوط الموثقة عن الحجية لاعراض المشهور فغاية ما يفهم منها نجاسة بول الطير الغير المأكول ولم يعرف لغير الخشاف من الطيور بول حتى يتم به الاستدلال لمذهب المشهور لعدم القول بالفرق بل المعروف اختصاص الخشاف بالبول والقول بالتفصيل بينه وبين غيرة من الطيور محقق كما سمعته من الشيخ ومن هنا ظهر لك وجه آخر لعدم امكان تخصيص الموثقة بالحسنة حيث إن الظاهر عدم البول لما يؤكل لحمه في الطيور فيكون الموثقة بمنزلة الخاص المطلق فيخصص بها اطلاق الحسنة وكيف كان فلا شبهة في عدم صلاحية الحسنة لمعارضة الموثقة بوجه وقد اعترف بذلك شيخ مشايخنا المرتضى لكنه رجح مقالة المشهور بمفهوم موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال خرء الخطاف لا بأس به هو مما يؤكل لحمه ولكن كره اكله لأنه استجار بك وآوى إلى منزلك وكل طير يستجير بك فاجره حيث علل الطهارة بأكل اللحم لا بالطيران وفيه ان غايته الاشعار بالعلية ولعل النكتة في ذكر قوله (ع) هو مما يؤكل لحمه التنبيه على تحقق حل اللحم الذي هو في حد ذاته سبب لنفى البأس ولو من غير طيران فلا ينافي ذلك كون الطيران أيضا سببا وعلى تقدير تسليم ظهوره في المدعى فليس على وجه يعارض ظهور الموثقة التي عرفت عدم قبولها للصرف بل لو سلم صراحتها في السببية المنحصرة لتعين حمل البأس المفهوم منها على ما يعم الكراهة كما في رواية عبد الرحمن المتقدمة جمعا بينها وبين الموثقة فظهر بما ذكرنا عدم صلاحية شئ من المذكورات لاثبات مذهب المشهور فالقائل بالطهارة مستظهر بحجيته بل لو لم يكن له النص الخاص لكفاه الأصل وعموم كل شئ نظيف لكن الذي أوقعنا في الريبة من هذا القول وضوح ضعف مستند المشهور وعدم صلاحيته لمعارضة الأصل فضلا عن النص الخاص فيظن بذلك ان استدلالهم بمثل هذه الأدلة لم يكن الا من باب تطبيق الدليل على المدعى واستفادة المدعى من الدليل فالذي يغلب على الظن معهودية الكلية أعني نجاسة البول والخرء من كل ما لا يؤكل لحمه لديهم ووصولها إليهم يدا بيد على سبيل الاجمال كجملة من احكام النجاسات فلما أرادوا اثباتها بالبرهان تشبثوا بمثل هذه الأدلة القاصرة ومن خالفهم نظر إلى قصور الأدلة لا إلى معهودية المدعى التي ألجأتهم إلى الاستدلال بها فالانصاف ان مخالفة المشهور في مثل هذا الفرع في غاية الاشكال لكن موافقتهم بطرح النص الخاص ورفع اليد عن الأصول المعتبرة ما لم يحصل القطع بتحقق الكلية في الشريعة على وجه لاتقبل التخصيص أشكل فالمسألة موقع تردد والاحتياط مما لا ينبغي تركه هذا كله في غير الخشاف واما الخشاف فقد يقال بان المتعين نجاسة بوله لرواية داود الرقى قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن بول الخشاشيف تصيب ثوبي فاطلبه ولا أجده قال اغسل ثوبك وهذه الرواية مستند الشيخ في استثنائه الخشاف في المبسوط على ما حكى عنه وفيه انها معارضة بما رواه غياث عن جعفر عن أبيه (ع) قال لا باس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف وفى المدارك بعد نقله من الشيخ (ره) احتجاجه بالرواية السابقة والجواب عنه بمعارضتها بخبر غياث قال وهذه الرواية أوضح سندا واظهر دلالة من السابقة وأجاب عنها في التهذيب بالشذوذ أو الحمل على التقية وهو مشكل انتهى واعترضه في الحدائق
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»