مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥١٠
الواجبة لا تتوقف الا على مطلق الطهور الذي يحصل بالتراب على تقدير فقد الماء وانما أوجبنا حفظ الماء والتزمنا بحرمة اراقته في الجملة لبعض الأدلة اللبية القاصرة عن شمول مثل الفرض فليتأمل ويدل على المدعى مضافا إلى ما عرفت صحيحة عبد الرحمن بن نجران سئل أبا الحسن موسى بن جعفر (ع) عن ثلاثة نفر كانوا في سفر جنب والثاني ميت والثالث على غير وضوء وحضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف يصنعون قال يغتسل الجنب ويدفن الميت بتيمم ويتيمم الذي هو على غير وضوء لان غسل الجنابة فريضة وغسل الميت سنة والتيمم للاخر جايز فان مقتضى ما زعموه من اطلاق وجوب الطهارة المائية مقدمة للصلاة التي حضر وقتها المقتضى لحرمة البذل على تقدير الكفاية ووجوب المبادرة والتملك في المباح طرح الصحيحة مع صحتها وعمل الأصحاب بها لأن الماء الموجود معهم ان كان ملكا لأحدهم لم يجزله بذله للغير على الفرض وان كان ملكا لهم جميعا وجب على كل من المحدث والجنب السعي في تملك حصة صاحبيه ببيع ونحوه ولو بالعزم على عدم تمليك الاخر واظهاره له حتى يئس منه فيعطيه سهمه أو يشترى المحدث سهم الميت فيضمه إلى سهمه ويتوضأ بهما أو يصبر إلى اخر الوقت بحيث لم يتمكن الجنب من الاغتسال وادراك الصلاة في وقتها فيعطيه سهمه إلى غير ذلك من انحاء المعالجات التي يتمكن معها المحدث من الوضوء بل قلما يتفق قصور سهم المحدث من الماء الذي يكفي لغسل الميت والجنب عن أن يتوضأ به ولو بمثل الدهن ففرض مشاركة المحدث معهم في الماء وعدم قدرته من الوضوء من سهمه أو مع ما يتمكن من تحصيله من سهم الميت وغيره فرض لا يكاد يتحقق موضوعه حتى يحمل الصحيحة عليه وكذا لو كان الماء الثالث أو كان مباحا لا مالك له أو كان مع مالك يسمح ببذله مجانا من غير منة فإنه يجب في جميع هذه الفروض أيضا بمقتضى الفرض على كل منهما السعي في تحصيله بشراء ونحوه فان تملكه أحدهما وجب عليه استعماله وان تملكاه دفعة اندرج في الفرض السابق الذي عرفت انه لا يصح حمل الصحيحة عليه هذا مع أن مثل هذه الفروض خارج من منصرف السؤال فضلا عن أن يحمل اطلاق الجواب مع ترك الاستفصال عليه فان المتبادر من قول السائل ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم اما كون الماء لهم جميعا أو كونه لبعضهم ولكن الماء لابتذاله وعدم كون المقصود بتملكه الا قضاء حوائجهم لم يضف إلى خصوص مالكه أو كونه مدخر لقضاء حوائجهم من غير أن يقصدوا به التملك فان قلنا بصيرورته في مثل الفرض ملكا للجميع أو لخصوص من حازه فقد عرفت حكمه وان قلنا ببقائه على الإباحة الأصلية فيتبع انائه بمعنى ان لمالكه منع الغير من التصرف فيه وكيف كان فلا يكاد يتحقق فرض لم يتمكن فيه المحدث من أن يتوضأ بعد فرض كونه صاحب حق وبنائه على المداقة في استيفاء حقه فالأظهر عدم وجوب المداقة وجواز البذل فالأولى رعاية ما يقتضيه حسن المعاشرة من تقديم ما هو الأحوج وعدم ملاحظة حق الاختصاص والملكية بالنسبة إلى الماء الذي بناء امره على التوسعة فيما بين الأصدقاء في الاسفار وغيرها فالأفضل تخصيص الجنب به كما يدل عليه الصحيحة المتقدمة ولو اجتمع جماعة محدثون بالأصغر وجنب ومعهم من الماء ما يكفي اما لغسل الجنب أو لوضوء من عداه لا يبعد أولوية رعاية حق الجماعة كما يشهد له خبر أبي بصير قال سئلت الصادق عليه السلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء الا ما يكفي الجنب لغسله يتوضون هم هو أفضل أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضؤن فقال يتوضؤن هم ويتيمم الجنب ويدل على أولوية تقديم غسل الجنب على الميت مضافا إلى الصحيحة المتقدمة خبر الحسين بن النضر الأرمني قال سئلت أبا الحسن الرضا (ع) عن القوم يكون في السفر فيموت منهم ميت ومعهم جنب ومعهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهما أيهما يبدء به قال يغتسل الجنب ويدفن الميت لان هذا فريضة وهذا سنة وخبر الحسن التغلبي قال سئلت أبا الحسن (ع) عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما ماء يكفي أحدهما أيهما يغتسل قال إذا اجتمعت سنة وفريضة بدء بالفرض وقيل يختص به الميت لكن في المدارك وغيره لم يعرف قائله ويشهد له ما رواه محمد بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الميت والجنب يتفقان في مكان لا يكون فيه الماء الا بقدر ما يكتفى به أحدهما أيهما أولى ان يجعل الماء له قال يتيمم الجنب ويغتسل الميت بالماء وربما علل ذلك أيضا بكون غسله خاتمة طهارته فهو أولى بالمراعاة وفيه انه مجرد اعتبار لا يصلح دليلا في مقابل ما عرفت لكنه ينهض مؤيدا للمرسلة الدالة عليه الا انها مع ذلك قاصرة عن معارضة ما عرفت وحكى عن الشيخ القول بالتخيير لتعارض الاخبار وعدم الترجيح وفى الأخير منع لكن لما لم يجب التقديم وكان الحكم مبنيا على الأولوية والاستحباب جاز العمل بهذه الرواية أيضا برجاء الإصابة اما وجه عدم الوجوب فواضح مضافا إلى عدم الخلاف فيه على ما يظهر من بعض ضرورة انه لا يجب على أحد رفع اليد عن حقه في الماء المختص به أو المشرك بينه وبين الجنب ولا يحرم عليه المبادرة إلى الماء الذي يجدونه في الطريق وتملكه سواء وجب عليه الوضوء أم لا و اطلاق هذه الأخبار لا ينافي اشتراط طيب نفوس الجميع بصرف البعض للماء لتحقق الطيب في مفروض السائل وكون المقصود بالسؤال تشخيص الأهم هذا مع عدم كون الاطلاق مسوقا لبيان الحكم من هذه الجهة مضافا إلى عدم امكان التصرف في
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»