مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٠٩
وجهان من أن العجز عن الطهارة المائية اخذ قيدا في موضوعية الموضوع فهو جهة تقييدية لا تعليلية فالتيمم لضيق الوقت عاجز عن الطهارة المائية لصلاة ضاق وقتها لا مطلقا فهو بالمقايسة إلى سائر الغايات متمكن من الطهارة المائية خصوصا إذا لم يكن الاشتغال بالوضوء أو الغسل في خلال الصلاة منافيا لصورتها ومن أن العجز في الجملة اثر في شرعية التيمم فمتى تيمم فقد فعل أحد الطهورين وحصلت الطهارة فله الاتيان بجميع ما هو مشروط بالطهور وهذا هو الأقوى فان كون الجهة تقييدية لا يؤثر في امكان اتصاف المكلف في زمان واحد بكونه متطهر أو غير متطهر فهو بعد ان فعل أحد الطهورين متطهر والا لم يجز له فعل الصلاة ومتى كان متطهرا جاز له فعل الجميع والا لتخلف اثر الطهارة عنها أو لزم ان لا يكون الطهارة من حيث هي شرطا لها والثاني خلاف ما يقتضيه الأدلة والأول باطل بالضرورة نعم لو كان اثر التيمم مجرد رفع المنع من فعل الغايات لا الطهارة لأمكن التفكيك بينها لكنك عرفت في محله ان الحق خلافه فتحقق انه متى استبيح فعل الصلاة استبيح ساير الغايات لا يقال إنه إذا تيمم عند الضيق وترك الصلاة عصيانا للزم ان يباح له ما دام في الوقت ساير الغايات كما أبيح له الصلاة وهذا مما يقطع ببطلانه لأنا نقول انما يصح منه التيمم على تقدير اتيانه بالصلاة التي ضاق وقتها لا مطلقا لا لاختصاص وجوب المقدمة وصحتها بموصلتها كما قد يتوهم بل لان التيمم لا يصح الا ممن عجز عن استعمال الماء ولا يعجز عن ذلك الا على تقدير اتيانه بالصلاة في الوقت ولا مدخلية لايجاب الصلاة عليه في وقتها في عجزه عن الطهارة المائية وانما المؤثر فيه امتثاله لهذا الواجب فإن كان المكلف اتيا بالصلاة في وقتها فهو عاجز والا فلا فصحة تيممه مراعاة بفعل الصلاة بعده فإذا فعلها كشف عن كونه عاجزا عن الوضوء والغسل والا انكشف فساد تيممه وبعبارة أخرى التيمم طهور لمن كان معذورا في استعمال الماء وانما يعذر في ذلك لو صلى بتيممه واما العاصي بترك الصلاة فلا يقبل الاعتذار منه بوجوب الصلاة عليه وعدم قدرته على فعلها مع الطهارة المائية كما هو واضح وقد تقدم في صدر الكتاب عند البحث عن وجوب المقدمة مع اشتراطه بالقدرة على الاتيان بذيها وكذا فيما نبهنا عليه بعد ذكر مسوغات التيمم من التعرض لبيان بطلان الوضوء المتوقف على مقدمة محرمة وصحته عند مزاحمته لواجب أهم وكذا في ساير المقامات المناسبة ما يزيل بعض الشبهات المتوهمة في المقام فليتأمل * (السادس) * إذا اجتمع ميت ومحدث بالأصغر وجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم فإن كان ملكا لأحدهم اختص به وحرم على غيره تناوله من غير رضاه فإن كان المالك هو الميت تعين صرفه أوفى تغسيله وليس لوارثه السماحة به فان الميت أولى بماء غسله من وارثه وان كان غيره فهل له ايثاره على نفسه بتقديم الميت أو صاحبه مع ما به من الحاجة لصرفه في رفع حدثه مقدمة لصلوته الواجبة عليه وجهان صرح غير واحد بعدم الجواز نظرا إلى عدم اجتماع وجوب التطهير به مع جواز بذله للغير وربما بعدوا عن الفرض إلى ما لو كان مباحا غير مملوك لهم فأوجبوا الاستباق ومزاحمة الغير مقدمة للواجب خلافا لظاهر المتن في هذه الصورة قال في المدارك فإن كان ملكا لأحدهم اختص به ولم يكن له بذله لغيره مع مخاطبته باستعماله لوجوب صرفه في طهارته ولو كان مباحا وجب على كل من المحدث والجنب المبادرة إلى حيازته فان سبق إليه أحدهما وحازه اختص به ولو توافيا دفعة اشتركا ولو تغلب أحدهما اثم وملك انتهى وظاهره كصريح جملة ممن تأخر عنه اختصاص المنع والمزاحمة بما إذا تنجز التكليف بالصلاة بان دخل وقتها بناء منهم على عدم وجوب المقدمة قبل دخول وقت ذينها وقد عرفت في صدر الكتاب وعند البحث عن حرمة إراقة الماء قبل الوقت وكذا عند التكلم في عدم جواز التيمم قبل الوقت فساد هذا المبنى فلو تم دليل الحرمة لاقتضى عمومها لما قبل الوقت أيضا ولذا التزمنا بوجوب تحصيل المقدمات المنحصرة للواجبات المؤقتة قبل أوقاتها والأقوى جواز البذل في المملوك والتخلية بين الماء وبين صاحبه في المباح نعم ما دام واجدا للماء أو متمكنا من استعماله لا يجوز له التيمم لنا على الجواز اما مع رجاء إصابة الماء فواضح بعد ما عرفت في محله من عد وجوب حفظ الماء الا على تقدير العلم بفوت الطهارة المائية باتلافه واما مع العلم بعدم الإصابة فلان غاية ما أمكننا اثباته في ما تقدم بعد التشبث بذيل الاجماع ونحوه من الأدلة اللبية انما هي حرمة تفويت التكليف بالطهارة المائية بإراقة الماء ونحوها مما يعد في العرف فرارا من التكليف ومسامحة في امره واما حرمة صرف الماء في مقاصده العقلائية من مأكله ومشربه والانفاق على صديقه ودابته وغيرها من الاغراض العقلائية التي من أهمها احترام موتاهم بتغسيلها فلا بل لا يبعد الالتزام بجواز التيمم وحفظ الماء رعاية لاحترام الميت فضلا عن جواز صرفه فيه ثم التيمم بعد صيرورته فاقدا للماء فان الله تعالى من على عباده بان وضع عليهم الامر فجعل لهم التراب طهورا كما جعل الماء طهورا لان لا يقعوا في الضيق وكلفة حفظ الماء بتحمل المشاق ومنافيات الاغراض فأباح لهم ان يتعمدوا بالجنابة مع علمهم بعدم إصابة الماء كما عرفت عدم الخلاف فيه وشهادة النص عليه مع أن التأمل في الأدلة لا يكاد يرى له خصوصية وانما المناط في جوازه ابتناء امر التيمم على التوسعة لا التضييق وملخص الكلام ان الصلاة
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»