مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٠٦
انه دخلها دخولا يعتد به وهو الدخول البالغ حد الركوع لكن ارتكابه في رواية محمد بن حمران في غاية البعد فان الامر بالمضي من غير استفصال مع اطلاق السؤال بل ظهوره في إرادة الاخذ في الدخول أي أول أناته باعتبار وقوع التعبير عنه بلفظ المضارع يجعله في غاية الظهور في إرادة ما يعم قبل الركوع بل ربما يدعى كونه نصا في ذلك كما يشعر بذلك ما حكى عن المصنف في المعتبر بعد ذكره لهذه الرواية ورواية عبد الله بن عاصم أنه قال ورواية ابن حمران أرجح من وجوه منها انه اشهر في العلم والعدالة من عبد الله بن عاصم والا عدل مقدم ومنها انه أخف وأيسر واليسر مراد الله تبارك وتعالى ومنها ان مع العمل برواية محمد يمكن العمل برواية عبد الله بالتنزيل على الاستحباب ولو عمل بروايته لم يكن لرواية محمد محمل انتهى ونظير هذه الرواية في الاباء عن التقييد ما عن الفقه الرضوي فإذا كبرت في صلاتك تكبيرة الافتتاح واتيت بالماء فلا تقطع الصلاة ولا تنقض تيممك وامض في صلواتك ويقرب منهما المرسل المحكى عن جمل المرتضى قال وروى أنه إذا كبر تكبيرة الاحرام مضى فيها فالانصاف ان ارتكاب التقييد في مثل هذه المطلقات و تقديمه على سائر انحاء التصرفات التي أهونها حمل الامر على الاستحباب جمود على ما يقتضيه الصناعة من غير أن يساعد عليه الفهم العرفي بلا لا يبعد دعوى الجزم بعدم إرادة المعنى المقيد من هذه المطلقات كما يؤيده فهم المشهور والا فليس قاعدة حمل المطلق على المقيد مما يختفي عليهم وابعد من ذلك توجيه رواية ابن حمران بتنزيلها على إرادة التيمم في ضيق الوقت المنافى للانصراف والتطهير لدلالة ذيلها على اعتبار وقوع التيمم في اخر الوقت وفيه ما لا يخفى بعد وضوح عدم اعتبار هذه المرتبة من الضيق في صحة التيمم وكون المراد باخر الوقت اخره عرفا مع ما عرفت في محله من كونه على سبيل الاستحباب لا الوجوب ونظير هذا التوجيه في الضعف توجيه الخبرين المفصلين بين إصابة الماء بعد دخوله في الصلاة قبل الركوع وبعده بحملها على أن المراد بالدخول في الصلاة الشروع في مقدماتها كالاذان وبقوله ما لم يركع ما لم يتلبس بالصلاة وبقوله وان كان قد ركع قبل دخوله فيها اطلاقا لاسم الجزء على الكل ولا يخفى ما فيه من البعد وشدة المخالفة للظاهر فالمتعين اما حمل الامر بالانصراف والتوضي في الخبرين على الاستحباب أو الرجوع إلى المرجحات السندية كما أشار اليهما المصنف في عبارته المتقدمة والظاهر أن صحيحة زرارة أرجح من رواية محمد من حيث السند لكن المصنف لم يوردها في عبارته المتقدمة فكأنه غفل عنها وكيف كان فإنما يحسن الرجوع إلى المرجحات على تقدير عدم امكان الجمع وهو ممكن بالحمل على الاستحباب فهو الأولى كما حكى عن المبسوط والاصباح وظاهر المنتهى الجزم بذلك بل عن التذكرة ونهاية الاحكام قرب استحباب النقض والطهارة المائية مطلقا ولو بعد الركوع لكن قد يتوهم التنافي بين بقاء اثر التيمم وجواز النقض فضلا عن استحبابه نظرا إلى كونه طهورا للعاجز ولا عجز مع جواز القطع وتمكنه من استعمال الماء ويدفعه عدم إناطة شرعية التيمم حدوثا وبقاء بالعجز العقلي بل المدار على كون المتيمم معذورا بعذر مقبول عند الشارع وقد قبل الشارع دخوله في الصلاة عذرا له في عدم استعمال الماء اما رعاية لحرمة الصلاة المنافية للانصراف عنها الا بالتسليم الذي جعله الشارع تحليلا لها أو ارفاقا بالمكلف وتسهيلا عليه حيث لم يوقعه في كلفة الإعادة واستيناف الصلاة إلى غير ذلك مما لا ينافي جواز القطع بل استحبابه لتحصيل الفرد الأكمل ومن هنا قد يقوى في النظر قرب ما عن التذكرة ونهاية الاحكام من استحبابه مطلقا بدعوى ورود الامر بالمضي في الأخبار المطلقة والمقيدة بما بعد الركوع مورد توهم الخطر فلا يفهم منه أزيد من الجواز كما أنه هو الذي يقتضيه الجمع بين هذه الأخبار وبين ما رواه الحسن الصيقل قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل تيمم ثم قام يصلى فمر به نهر وقد صلى ركعة قال فليغتسل و ليستقبل الصلاة قلت إنه قد صلى صلاته كلها قال لا يعيد وما رواه زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن رجل صلى ركعة على تيمم ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء قال يقطع الصلاة ويتوضأ ثم يبنى على واحدة لكن الأقوى خلافه فان دعوى قصور الاخبار الامرة بالمضي عن إفادة الوجوب بعد مغروسية حرمة قطع الصلاة وكون النقض منافيا لاحترامها في أذهان المتشرعة غير مسموعة خصوصا بالنسبة إلى الروايتين المفصلتين اللتين وقع التعبير فيهما بأنه ان لم يركع فلينصرف وان كان قد ركع فليمض فان حمل مثل هذين الامرين على مجرد بيان الجواز افراط في التأويل بل ظاهرهما الوجوب وغاية ما يمكن التأويل فيهما بواسطة الجمع الذي هو أولى من الطرح انما هو الحمل على الاستحباب كما قويناه في الفقرة الأولى واما الحمل على مجرد الجواز المجامع لمرجوحية الفعل فهو في غاية البعد خصوصا بعد حمل الفقرة الأولى على الاستحباب فان التفصيل يقطع الشركة وبهذا ظهر لك ان الخبرين الذين استشهدنا بهما للجمع لا ينهضان لذلك بل هما معارضان للاخبار الامرة بالمضي لوضوح المناقضة بين الامر بالمضي و الانصراف فالمتعين طرح الخبرين مع قصورهما في حد ذاتهما من حيث السند واعراض الأصحاب عنهما وتنافي مفاديهما و موافقتهما للعامة على ما قيل فلا تنهضان للحجية فضلا عن المعارضة فلو سلم قصور الاخبار الامرة بالمضي عن إفادة الوجوب
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»