مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٩٨
ما هو بدل من الوضوء بذلك الفعل والسكوت عما هو بدل من الغسل مع كون المقام مقتضيا لعكسه بل ما في بعض تلك الأخبار من قول النبي صلى الله عليه وآله لعمار أفلا صنعت هكذا يدفع هذا التوهم من أصله ويدل على المطلوب أيضا ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما وتمسح بها وجهك ويديك وربما يستدل له أيضا باطلاق الآية وفيه نظر بعد اجمالها حجة القول بالضربتين مطلقا صحيحة إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا (ع) قال التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن التيمم قال مرتين مرتين للوجه واليدين وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له كيف التيم قال هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين ومتى أصبت الماء فعليك الغسل ان كنت جنبا والوضوء ان لم تكن جنبا ورواية المرادي عن أبي عبد الله (ع) قال تضرب بكفيك مرتين ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك وهذه الرواية بل وكذا سابقتها ظاهرة في كون الضربتين قبل مسح الوجه وصحيحة ابن مسلم أيضا لا تأبى عن ذلك فلا يبعد استحبابه وعدم معروفية القول به لا ينافيه وكيف كان فعمدة ما يصح الاستناد إليه لهذا القول هي الصحيحة الأولى وهى أيضا قابلة للحمل على الاستحباب كما أن جميعها قابلة للحمل على التقية على تقدير ان يراد بها ضربة للوجه وضربة لليدين كما يؤيده تشابه ما عدا الصحيحة الأولى وقبولها للتورية ويؤيده أيضا معروفية القول بالضربتين عند العامة على ما قيل بل عن بعض العامة نسبة القول بكفاية الواحدة إلى علي (ع) وعمار وبعض التابعين ممن لم يخالف عليا في المذهب ونسبة الضربتين إلى أكثر التابعين فلا تكافى هذه الروايات الأخبار السابقة لا من حيث الصدور ولا من جهة الصدور ولا من حيث الدلالة فالمتعين اما طرحها أو حملها على الاستحباب والثاني أشبه بالقواعد بل أحوط حجة المشهور أمور عمدتها الجمع بين الاخبار بحمل الطائفة الأولى على ما كان بدلا من الوضوء والثانية على ما كان بدلا من الغسل بقرينة الشهرة ونقل الاجماع كما عن ظاهر بعض بل الاجماع المحقق بتقريب ان يقال إن مفاد الطائفة الأولى كفاية ضربة واحدة في التيمم فهي نص في الكفاية في الجملة وظاهرها الاطراد والطائفة الثانية أيضا نص في اعتبار التعدد وظاهرها الاطراد فمقتضى القاعدة رفع اليد عن الظاهرين بالنصين والالتزام بوجود القسمين في التيمم فوجب ان يكون مورد كل من القسمين ما هو المشهور للاجماع على بطلان تفصيل اخر وراء هذا التفصيل وفيه بعد الغض عن عدم صلاحية الشهرة ونقل الاجماع شاهدة للجمع الا على تقدير كشفها عن قرينة داخلية أو خارجية اباء جل الاخبار بل كلها عن هذا الحمل لأنها ما بين صريح أو ظاهر في أن التيمم من الوضوء والغسل من الجنابة واحد بل قد سمعت ان القدر المتيقن من الاخبار الحاكية للفعل التي لا يبعد دعوى تواترها انما هو بيان ما هو بدل من الغسل كما هو صريح بعضها فيمتنع ارتكاب هذا التأويل فيها اللهم الا ان يلتزم باهمال تلك الأخبار وعدم كونها مسوقة الا لبيان كيفية المسح دفعا لتوهم كونه كالغسل كما وقع لعمار فيتجه حينئذ القول باعتبار المرتين مطلقا بمقتضى الأخبار الأخيرة التي وقع التصريح في بعضها بان التيمم من الوضوء والغسل من الجنابة ضرب واحد لكنك عرفت ان الالتزام بالاهمال أيضا في غاية الاشكال فإنه وان أمكن ذلك بالنظر إلى آحاد الاخبار على بعد لكنه لا يمكن بالنظر إلى المجموع بملاحظة كثرتها ووقوع جميعها جوابا عن السؤال عن كيفية التيمم على الاطلاق * (بل كيف) * يحتمل ان لم يقصد النبي صلى الله عليه وآله بفعله بيان المهية المخترعة بخصوصياتها المعتبرة فيها بعد وقوع السؤال عنها في صدر الشريعة عند جهل عامة الناس بها فاختيار النبي صلى الله عليه وآله للفعل لم يكن الا لكونه أوفى في البيان من القول فكيف يتطرق فيه شائبة الاهمال فالانصاف ان هذا الجمع طرح لجميع الاخبار من غير شاهد وربما يستشهد له بالصحيحة التي رواها الشيخ عن ابن اذنية عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الأرض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الأرض فسمح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الأرض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل في الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين والقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا يؤمم بالصعيد وبصحيحة زرارة المتقدمة التي استشهدنا بها لاعتبار الضربتين على الاطلاق وفى الاستشهاد بهما ما لا يخفى فان توجيه صحيحة زرارة على وجه ينطبق على هذا التفصيل يتوقف على تكلفات بعيدة فان المتبادر من قوله (ع) بعد السؤال عن كيفية التيمم هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة إرادة عطف الغسل على الوضوء يعنى ان التيمم لهما نوع واحد لا اختلاف فيهما ثم بين كيفيته بقوله تضرب بيديك الأرض [الخ] وجعل الغسل من الجنابة ابتداء كلام اخر وحمل قوله (ع) التيمم ضرب واحد للوضوء على إرادة ان ما كان بدلا من الوضوء يحصل بضربة واحدة كما ترى واما صحيحة محمد بن مسلم فيه علم الظاهر ما استند إليه علي بن بابويه فيما ذهب إليه من القول باستيعاب مسح الوجه واليدين مع التزامه بالضربات الثلاث وقد أشرنا فيما سبق إلى شذوذها وعدم صلاحيتها لمعارضة غيرها مع موافقتها للعامة ومخالفتها
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 ... » »»