لكفى في ذلك استصحاب حرمة القطع فالأظهر وجوب المضي بعد ان ركع وجوازه قبله ولكن الأفضل بل الأحوط هو الانصراف ما لم يركع وأحوط منه الاتمام ثم الإعادة وربما يتمسك لوجوب المضي مطلقا بعد التلبس بتكبيرة الاحرام بعموم ما دل على حرمة قطع الصلاة واستصحاب الصحة وأصالة البراءة عن كلفة الإعادة واستصحاب الطهارة السابقة الثابتة بما دل على شرعية التيمم المقتصر في تخصيصها على ما إذا وجد الماء قبل الدخول في الصلاة إلى غير ذلك مما لا ينبغي الالتفات إلى شئ منها بعد استفاضة الأخبار الواردة عليها مع ما في جلها بل كلها من النظر بل لولا الأدلة الخاصة لكان مقتضى القاعدة المتلقاة من الشرع من كون التيمم طهارة اضطرارية مضافا إلى اطلاق ما دل على كون وجدان الماء كالحدث رافعا لاثره انما هو انتقاضه بطرق القدرة مطلقا من غير فرق بين كونه في أثناء الصلاة وعدمه ومقتضاه انقطاع الصلاة بسببه فلا يبقى حينئذ مجال لتوهم شئ من المذكورات لكن الأخبار الخاصة الحاكمة على القواعد العامة اغنانا عن اطناب الكلام في النقض والابرام في تشخيص الأصول الحاكمة وتقرير ما ادعيناه من القاعدة ثم إن في المسألة أقوالا اخر لا يساعد على شئ منها دليل يعتد به منها ما عن ابن الجنيد أنه قال إن وجد الماء بعد دخوله في الصلاة قطع ما لم يركع الركعة الثانية فان ركعها مضى في صلاته فان وجده بعد الركعة الأولى وخاف من ضيق الوقت ان يخرج ان قطع رجوت ان يجزيه ان لا يقطع صلاته فاما قبله فلابد من قطعها مع وجود الماء انتهى ولعل نظره في هذا التفصيل إلى الجمع بين مجموع الاخبار بتخصيص ما دل على المضي مطلقا بالخبرين المفصلين والجمع بين جميعها وبين ما يعارضها إلى الخبرين الواردين فيمن صلى ركعة الظاهرين في القطع مطلقا بحمل كل من المتعارضين على ما هو القدر المتيقن ارادته منه وهو في الخبرين خصوص موردهما وهو قبل الركوع في الركعة الثانية لكن في غير فرض الضيق الذي يظن عدم ارادته من اطلاقهما وبالنسبة إلى ساير الاخبار ما بعده والله العالم و (منها) ما عن سلار من الانصراف قبل دخوله في القراءة وعدمه بعده ولعل مخالفته مع المشهور في تشخيص مفهوم الدخول في الصلاة فكأنه رأى أن التكبيرة افتتاحها وان الدخول فيها يتحقق بالاخذ في سائر الأجزاء التي أولها القراءة ومنها ما حكاه في محكى الذكرى عن ابن حمزة في الواسطة مستغربا منه وهو انه إذا وجد الماء بعد الشروع وغلب على ظنه عدم ضيق الوقت لو قطع وتطهر وجب عليه ذلك وان لم يمكنه ذلك لم يقطعها إذا كبر وقيل يقطع ما لم يركع وهو محمول على الاستحباب انتهى ولعل مبناه فساد التيمم الواقع في السعة عنده فإذا غلب على ظنه التمكن من التطهير والصلاة في وقتها علم فساد تيممه فعليه القطع فمورد اخبار الباب عنده انما هو فيها إذا دخل في الصلاة بتيمم صحيح بان كان واقعا في ضيق الوقت فعمل باطلاق ما دل على المضي كما عن المشهور وحمل ما دل على القطع قبل الركوع على الاستحباب كما التزم به أو احتمله كل من تصدى لتوجيهه من القائلين بمقالة المشهور ولا غرابة في التزامه باستحباب القطع مع فرض الضيق بعد مساعدة الدليل لامكان ان يكون ما يدركه من صلاته في الوقت مع الطهارة المائية أرجح لدى الشارع من ايقاع تمام صلاته في الوقت مع التيمم لكن الغريب التزامه باعتبار هذه المرتبة من الضيق في صحة التيمم و تجويزه دخوله في الصلاة بالتيمم بل مضيه فيها ان لم تجد الماء في الأثناء وهو في حال لو وجد الماء لغلب على ظنه التمكن من الطهارة والصلاة كما هو المنساق إلى الذهن في موضوع فرضه اللهم الا ان يلتزم بكفاية احراز الضيق عند إرادة التيمم والصلاة بنحو من المسامحة العرفية ولزوم مراعاته على سبيل التحقيق عند وجدان الماء كما لا يخلو عن وجه و (كيف) كان فقد ظهر لك بما أشرنا إليه انفا من أن مقتضى القاعدة انتقاض التيمم بالتمكن من استعمال الماء مطلقا في غير ما ثبت خلافه حكم الطواف من أن المتجه انتقاض التيمم بوجدان الماء في أثنائه كوجدانه قبله من غير فرق بين الواجب منه والمندوب والتشبيه له بالصلاة منصرف إلى غيره كما أن المتجه انتقاض تيمم الميت بالتمكن من تغسيله قبل الدفن وان صلى عليه كما عرفته في محله وهل تعاد صلاته فيه تردد والأشبه انها لا تعاد ولو وجده في أثناء الصلاة قطعها وان كان الأحوط اتمامها ثم الإعادة بعد التغسيل والله العالم وهل يختص جواز المضي في الصلاة عند وجدان الماء بالفريضة أم يعم النافلة أيضا وجهان أوجههما الأول لانصراف ما دل على الجواز من النصوص والفتاوى إلى الفريضة والله العالم (الخامس) المتيمم يستبيح ما يستبيحه المتطهر بالماء وليعلم ان النظر في هذه المسألة يقع من جهات جميعها مقصوده بالحكم منها عدم اختصاص اثر التيمم باستباحة الغايات التي اضطر إلى فعلها مثل الصلاة المفروضة المؤقتة التي لا سبيل له الا إلى ايجادها مع التيمم بل يستباح به جميع الأفعال التي تكون الطهارة شرطا لصحتها كالصلاة نافلة كانت أم فريضة أو لكمالها كقرائة القران أو لجوازها كمس المصحف ولبث الجنب والحائض في المسجد فالضرورة المعتبرة في التيمم غير ملحوظة بالنسبة إلى اثره بان يكون طهوريته مقصورة على مواقع الاضطرار إلى الطهارة ومنها انه إذا تيمم لغاية يستباح به ساير غاياته وان لم يقصدها ولم يضطر إلى
(٥٠٧)