مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥١٣
التيمم كما أنه لا يفهم من اطلاق النواقض على موجبات الوضوء والغسل في عبارة العلماء الا ذلك لا عود الحدث السابق الذي تطهر منه وصيرورته مؤثرا بعد ان زال فان الزائل لا يقبل الانتقاض وانما القابل له الطهارة الحاصلة باستعمال الطهور فقولنا الوضوء أو غسل الجنابة ينتقض بالبول معناه انه لا يبقى له اثر بعد الحدث فلو أراد الاتيان بشئ مشروط بالطهور فعليه ان يتطهر لا انه يعود جنبا أو محدثا بالسبب الأول الا ترى انا لو بنينا على أن كل غسل يجزى عن الوضوء وقلنا بشرعية التيمم بدلا من كل غسل وكونه كمبدله رافعا للحدث لا نقول بجواز إعادة التيمم بدلا من ذلك الغسل بعد انتفاء مسوغه فالاشكال في المقام انما نشأ من بقاء اثر الجنابة الموجب للغسل حيث أوجب التخير في أنه كما يقتضى وجوب الغسل عند القدرة عليه كذلك يقتضى وقوع التيمم دائما بدلا من ذلك الغسل أم لا يقتضى بعد الاتيان بتيمم واحد بدلا من ذلك الغسل الا نفس الغسل فلا يجب عند حدوث الحدث الا ما يقتضيه ذلك الحدث فما زعمه بعض من ابتناء الخلاف في المسألة على أن المطلق الحدث هل هو ناقض لمطلق التيمم أو لا ينتقض التيمم الواقع بدلا من غسل الجنابة مثلا الا بالجنابة في غير محله وكيف كان فقد ظهر لك ان الأقوى بالنظر إلى ما دل على طهورية التيمم للعاجز وعموم تنزيله منزلة الوضوء والغسل ما ذهب إليه السيد واتباعه من وجوب الوضوء بعد الحدث أو التيمم بدلا منه لا من الغسل لكن الجزم بذلك مشكل وعمدة ما يوجب التردد والوسوسة فيه نقل الاجماع على خلافه واعتضاده بالشهرة المحققة قديما وحديثا بل شذوذ المخالف فمن هنا قد يقوى في النظر خلافه فانا وان جزمنا بطهورية التيمم وكونه بمنزلة الوضوء والغسل لمن لم يجد الماء لكن مع ذلك لا يبعد الالتزام بمقالة المشهور في المقام بدعوى انه يستفاد من الأدلة الشرعية ان الطهارة التي هي شرط في الصلاة بل مطلق الطهارة وان لم تبلغ مرتبة يستباح بها الصلاة صفة وجودية تحصل بأسبابها كما قوينا ذلك في محله وان الحدث قذارة معنوية حادثة بأسبابها مخالفة للأصل مانعة من الدخول في الصلاة كما نفينا البعد عن ذلك بل قويناه بالنسبة إلى الحدث الأكبر فنلتزم بعدم المضادة بين ذاتيهما بل التنافي انما هو بين أثريهما من جواز الدخول في الصلاة والامتناع منه كما إليه يؤل ما هو المشهور من أن التيمم مبيح للصلاة وليس برافع لما أشرنا إليه من أنهم لم يقصدوا بذلك على الظاهر استباحتها بلا شرط فان من المستبعد التزامهم بذلك وكيف كان فمنع المضادة بين الوصفين وقياسهما على النظافة والقذارة الصورية فاسد لم لا يجوز ان يكون المستحاضة التي اغتسلت وكذا المسلوس والمبطون واجدة للحدث والطهارة التي هي شرط في الصلاة حقيقة وإذا جاز ذلك فنقول اما غسل الجنابة مثلا فهو رافع للقدرة الحادثة بالجنابة ومفيد للطهارة التي هي شرط في الصلاة واما سائر الأغسال فان قلنا بالاجتزاء بها عن الوضوء فكغسل الجنابة والا فهي مع كونها مزيلة للحدث تفيد مرتبه في الطهارة لا تبلغ هذه المرتبة وكيف كان فالتيمم انما يقوم مقام الوضوء والغسل في الطهورية المسوغة لاستباحة الغايات أي المجامعة مع عدم المانع بصفة المانعية واما كونه بمنزلتهما في إزالة ذات المانع من حيث هي فالأدلة قاصرة عن اثباته اما ما دل على أنه طهور وانه أحد الطهورين فواضح واما ما دل على أن التراب بمنزلة الماء وان التيمم غسل المضطر ووضوئه ونحو ذلك فهو وان اقتضى عموم المنزلة خصوصا مع كون الإزالة من اظهر وجوه المشبه به لكن العلم ببقاء الأثر في الجملة المقتضى لوجوب الغسل لدى القدرة عليه موجب لصرف الذهن عن إرادة إزالة ذاته بالتشبيه ولذا لا يستنكر العرف اطلاق الجنب عليه حين العجز بل لم يسعنا فيما سبق عند تقرير مذهب السيد انكار هذا المعنى وانما تكلفنا في توجيهه وقلنا بعد التسليم بعدم اقتضاء الجنابة الا تيمما واحدا بدلا من الغسل لكنك خبير بأنه لا يسمع منا هذا القول بعد فرض دلالة الأدلة على اقتضاء حدث الجنابة من حيث هو للمنع من الصلاة وعدم ارتفاعه بالتيمم كما هو مقتضى الأصل مضافا إلى الاجماعات المحكية وغيرها وعدم اقتضاء طهورية التيمم الا مزاحمتها للتأثير ما دام بقاء اثره فمتى انتقض عادت الجنابة مانعة بالفعل ولا يزول ماريتها الا بالتيمم الذي هو بدل من الغسل كما هو واضح هذا غاية ما أمكننا من التوجيه لمذهب المشهور واليه يؤول دليلهم الأول الذي أشرنا إلى أنه هو عمدة أدلتهم وبعد المتأمل فيه مجال والمسألة موقع تردد ومقتضى الأصل الاحتياط لكون الشك في المكلف به فيجب بعد الحدث بين الجمع بين التيمم بدلا من الغسل ومن الوضوء ان وجد ماء بقدره والتيمم بدلا منه ان لم يجد ويجزيه في هذا الفرض تيمم واحد بدلا مما وجب عليه في الواقع بناء على اتحاد كيفية التيمم والا فلابد من التعدد ثم لا يخفى عليك ان ما ذكرناه في توجيه مقالة المشهور الذي إليه يؤول دليلهم الأول الذي هو عمدة ما ركنوا إليه بل لم يستند عامتهم على الظاهر الا إليه من أن الجنابة باقية والاستباحة قد زالت فعليه إعادة التيمم بدلا من الغسل انما يتجه في التيمم الواقع بدلا من غسل يستباح به الصلاة مثل غسل الجنابة واما غسل الحيض ونحوه لو لم نقل بأنه يجزى عن الوضوء فلا فإذا تيممت الحائض بدلا من الغسل يستباح بتيممها دخول المساجد وقراءة العزائم ونحوهما كمبدله سواء
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»