مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٠٥
كون ذكره في الفتاوى بل النصوص من باب المثال جريا على الغالب والا فالمراد به مطلق تجدد القدرة من استعمال الماء بعد التيمم من غير فرق بين كون المسوغ له فقد الماء أو غيره من الاعذار ويشهد لما ذكرنا من إرادة وجدان الماء الذي يتمكن من استعماله من النصوص والفتاوى مضافا إلى ما ذكرناه من الانصراف خبر أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه السلام المروى عن تفسير العياشي قال التيمم بالصعيد لمن لم يجد الماء كمن توضأ من غدير ماء أليس الله يقول فتيمموا صعيدا طيبا قال قلت فان أصاب الماء وهو في اخر الوقت قال فقال قد مضت صلاته قال قلت له فيصلى بالتيمم صلاة أخرى قال إذا رأى الماء وكان يقدر عليه انتقض التيمم فإنه يدل على عدم الانتقاض لو لم يقدر عليه فلا عبرة بما إذا وجد ماء لم يجز له استعماله لمانع عقلي أو شرعي كتضرره به أو كونه مغصوبا أو ضاق الوقت عن استعماله بل وكذا لو جاز له الاستعمال ولكن قصر زمان القدرة عليه عن التطهر به بان لم يتمكن الا من بعض الغسل أو الوضوء مثلا فإنه لا يعتد بذلك حيث لا يندرج به في موضوع القادر فما عن بعض المتأخرين من الميل إلى كون وجدان الماء ناقضا مطلقا اغترارا بما يترائى من اطلاق النصوص والفتاوى المسوقة لبيان حكم اخر مع انصرافها إلى إرادة الماء الذي يتمكن من التطهر به ضعيف فالمدار في الانتقاض انما هو على القدرة على الطهارة المائية لا مجرد وجدان الماء نعم إذا وجد الماء بنى بمقتضى ظاهر الحال على انتقاض تيممه فإذا ظهر قصور زمان التمكن عن الفعل انكشف خلافه لكن لو تمكن عند وجدان الماء من حفظه والتطهر به فقصر في ذلك إلى أن زالت القدرة فقد خرج من الفرض واندرج في موضوع القادر الذي عرفت حكمه من انتقاض تيممه فعليه ان يتيمم ثانيا بعروض العجز عند تنجز التكليف بشئ من غاياته كما يدل عليه الخبر المتقدم ولافرق في انتقاض التيمم بتجدد القدرة بين كونها بعد دخول وقت الصلاة أو قبله كما إذا تيمم قبل الوقت لغاية ثم تمكن من استعمال الماء قبل ان يدخل وقت الصلاة فلم يستعمل حتى طرء العجز فعليه ان يتيمم بعد الوقت لصلوته سواء كان طرق العجز قبل دخول وقتها أو بعده لما عرفت من أن القدرة على استعمال الماء تزيل اثر التراب لكونه طهورا للعاجز وقد ارتفع العجز فلا طهارة وعجز عن الوضوء أو الغسل لخصوص الغاية التي لم يدخل وقتها بناء على بطلانه بهذا القصد لا يجعله غير متمكن منه مطلقا حتى يبقى اثر تيممه فان له فعلهما لساير الغايات فلا يكون عاجزا عن الطهارة المائية حتى يكون التراب طهورا له نعم قد يتوهم ذلك بالنسبة إلى ما قبل الوقت فيما لو عرضه مانع من فعلهما لغاياتهما المستحبة كما لو نهاه السيد أو الوالد عن استعمال الماء فإنه يوجب حرمته قبل تنجز التكليف بشئ من غاياته الواجبة فيكون قبل دخول الوقت عاجزا عن استعماله شرعا فلا ينتقض به تيممه كما لو وجد ماء مغصوبا ويدفعه بعد تسليم تأثير مثل هذه النواهي في اندراجه في موضوع العاجز الذي يشرع له التيمم حدوثا وبقاء مع ما فيه من الاشكال ما عرفت عند البحث عن إراقة الماء قبل الوقت من عدم الفرق في وجوب المقدمة المنحصرة بين كونه قبل الوقت وبعده فكما لا اثر لنهى السيد عن الوضوء بعد الوقت كذلك لا اثر له قبله بعد فرض انحصار قدرته فيه وكونه مكلفا بإطاعة السيد في ظاهر تكليفه عند عدم علمه بعدم الانحصار لا يجعله مندرجا في موضوع العاجز الذي شرع له التيمم نظير من كان واجدا للماء وهو يعتقد عجزه عنه وقد عرفت في محله خروجه من الموضوع الذي ثبت له التيمم فراجع وان وجده أي الماء بعد الفراغ من الصلاة لم يجب الإعادة كما عرفته فيما سبق مفصلا وان وجده وهو في الصلاة قيل يرجع ما لم يركع في الركعة الأولى حكى هذا القول عن غير واحد من القدماء وجماعة من المتأخرين ويدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت فان أصاب الماء وقد دخل في الصلاة قال فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان وقد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين وخبر عبد الله بن عاصم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل لا يجد الماء فيتمم ويقوم في الصلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضأ وان كان قد ركع فليمض في صلاته وقيل يمضى في صلاته مطلقا ولو تلبس بتكبيرة الاحرام حسب نسب هذا القول إلى المشهور ويدل عليه خبر محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال له رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة قال يمضى في الصلاة واعلم أنه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر الوقت وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال قلت في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلى قال لا ولكنه يمضى في صلاته ولا ينقضها المكان انه دخلها وهو على طهر بتيمم فان التعليل يقتضى وجوب المضي في الصلاة مع الدخول فيها ولو بتكبيرة الاحرام والذي يقتضيه الجمع بين الروايات اما تقييد الخبرين الأخيرين بما إذا دخل في الصلاة وركع جمعا بينها وبين الخبرين الأولين كما التزم به أرباب القول الأول أو حمل الامر بالانصراف والوضوء ما لم يركع على الاستحباب ولعل هذا هو الأظهر في مقام الجمع من تقييد الروايتين فان الأخيرة منهما وهى صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وان لم يبعد التصرف فيها بالتقييد بحملها على إرادة
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»