مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٠٤
من التكاليف المطلقة مشروط عقلا بالقدرة على ايجاد شئ من مراتبها فلا يقتضى ذلك وجوب ايجادها بلا طهارة بعد ان علم ببيان الشارع ان فاقد الطهور ماهية أخرى أجنبية عن مهية الصلاة (ان قلت) مناط شمول قاعدة الميسور للمورد ليس الا كون المأتى به بنظر العرف صلاة ناقصة ولا شبهة في كون فاقدة الطهور كذلك فيعمها القاعدة غاية الأمر انه يتحقق المعارضة بينها وبين قوله (ع) لا صلاة الا بطهور والنسبة بينهما العموم من وجه فكما يمكن اخراج مورد الاجتماع من موضوع القاعدة كذلك يمكن تقييد الاشتراط بصورة التمكن (قلت) سلمنا ذلك لكن الأول أولى في مقام الجمع لا لمجرد اعتضاده بفهم الأصحاب واجماعهم أو كون دائرة العموم في القاعدة أوسع فيكون تخصيصها أهون بل لما أشرنا إليه من أن التصرف فيها من باب التخصص فإنه إذا شمله عموم لا صلاة يعلم بذلك كونه أجنبيا عن تلك المهية وان زعم أهل العرف كونه من مراتبها وان شمله القاعدة يلزمه تخصيص العموم والأول أولى فالأظهر ما هو المشهور من عدم شرعية الصلاة بلا طهور بل لم يتحقق الخلاف فيه وان حكاه في المتن قولا في المسألة لكن لم يعرف قائلة عدا ما سمعته من الشيخ من التخيير بين تأخير الصلاة وقضائها وبين فعلها في الوقت وقضائها في خارجه ومرجعه على الظاهر إلى تجويز ايجادها في الوقت من باب الاحتياط ويحتمل رجوعه إلى ما حكى عن نهاية الأحكام من استحباب فعلها في الوقت لحرمة الوقت الخروج من الخلاف (وفيه) ان حرمة الوقت لا تصلح أن تكون مشرعة لفعل الصلاة بلا طهور واما الخروج من شبهة الخلاف فمرجعه إلى الاحتياط ولا بأس به وحكى عن الشيخ المفيد في رسالته إلى ولده أنه قال وعليه ان يذكر الله في أوقات الصلاة ولم يتعرض للقضاء فان أراد وجوبه عليه فلم نقف له على مستند وان أراد استحبابه فلا باس به فان ذكر الله حسن في كل حال فينبغي رعاية الاحتياط به بل لا ينبغي ترك الاحتياط بفعل الصلاة في الوقت وقضائها في خارجه لو لم يتحقق حرمة الصلاة بلا طهور ذاتا كما قد يستظهر ذلك من بعض الأخبار مثل رواية مسعدة بن صدقة ان قائلا قال لجعفر بن محمد (ع) جعلت فداك انى امر بقوم ناصبية وقد أقيمت لهم الصلاة وانا على غير وضوء فإن لم ادخل معهم في الصلاة قالوا ما شاؤوا ان يقولوا فاصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت واصلي فقال جعفر بن محمد عليه السلام سبحان الله فما يخاف من يصلى من غير وضوء ان تأخذه الأرض خسفا وفى شمولها لما يؤتى به من باب الاحتياط وشدة الاهتمام بأمر الصلاة نظر بل منع و (كيف) كان فان خرج الوقت ثم زال العذر قضى على الأظهر الأشهر بين المتقدمين والمتأخرين كما في الجواهر بل عن كشف الالتباس نسبته إلى المشهور لعموم ما دل على وجوب قضاء الفوائت من قول الباقر (ع) في صحيحة زرارة ومتى ذكرت صلاة فاتتك صليتها وفى صحيحته الأخرى اربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها والنبوي المشهور من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في النائم والساهي ومن صلى بغير طهور وغير ذلك فإنها وان لم تكن مسوقة لبيان هذا الكم بل ليس في أغلبها بل في ما عدا النبوي المتقدم اطلاق أو عموم يمكن التمسك به لما نحن فيه لكن يفهم منها ولو بملاحظة المجموع ان وجوب قضاء الفرائض على من لم يأت بها في وقتها كان من الأمور المعهودة لديهم كما يفصح عن ذلك التعليلات الواقعة في الاخبار لرفع التكليف بالقضاء عن الحائض والمعنى عليه ونحوه بل لا يبعد ان يقال إنه يستفاد من تلك الأخبار ان الامر المتعلق بالصلاة في أوقاتها من قبيل تعدد المطلوب كما أشرنا إليه عند البحث عن تكليف الحائض إذا أدركت من الوقت بمقدار لا يسع للصلاة مع الطهارة فراجع و (كيف) كان فلا ينبغي التشكيك في أن مقتضى القاعدة المتلقاة من الشارع وجوب قضاء الفرائض في غير ما ثبت خلافه فما قيل من أنه يسقط الفرض أداء لما عرفت وقضاء للأصل وتبعيته للأداء وللتشبه بالحايض بسقوط صلاة كل منهما بحدث لا يمكن ازالته ولانصراف أدلة القضاء لغيره من الافراد المتعارفة ضعيف لانقطاع الأصل بالدليل وتبعيته لتنجز التكليف بالأداء ممنوعة والا لم يجب على النائم والغافل ونحوهما والتشبيه بالحائض قياس مع أن الأخبار الواردة فيها تدل على أن علة سقوط القضاء عنها أمور أخر وراء ذلك واما دعوى الانصراف فهي غير مجدية بعد ما سمعت من وضوح المناط مع أنها بالنسبة إلى مثل النبوي المتقدم غير مسموعة فان خصوصية الافراد فيه غير ملحوظة جزما والا لانصرف عن كثير من الموارد التي يتفق فيها فوت الصلاة بغير الأسباب المتعارفة وهو باطل بديهة فتلخص لك ان الأحوط فعل الفرض أداء وقضاء ولكن القول بسقوطه أداء لا قضاء هو الأشبه والله العالم (الرابع) من الأحكام إذا وجد المتيمم الماء قبل دخوله في الصلاة انتقض تيممه وتطهر به بلا خلاف ولا اشكال كما يدل عليه المعتبرة المستفيضة التي سيمر عليك بعضها مضافا إلى ظهور الأدلة من الكتاب والسنة في كون التيمم طهارة اضطرارية للعاجز فإذا طرء القدرة تبدل الموضوع فارتفع اثره فما عن بعض العامة من بقاء اثره بعد وجدان الماء واضح السقوط ثم إن المراد بوجدان الماء في النصوص والفتاوى هو الماء الذي يتمكن من استعماله عقلا وشرعا لان هذا هو المتبادر في مثل المقام كما أنه هو الذي يقتضيه قاعدة طهوريته للعاجز بل المنساق إلى الذهن
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»