مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥١١
مثل هذه القواعد بالظواهر المنافية لها فلا محيض عن الالتزام بكون التخصيص مبينا على رعاية الأولوية والفضل والله العالم ثم انا وان جوزنا للمحدث بذل مائه المختص به إذا تعلق به غرض صحيح اخرجه من عنوان كونه بمنزلة الإراقة ونحوها لكن الأحوط تركه بل لا يبعد دعوى انصراف اخبار الباب عن فرض الاختصاص ولعله لذا خص المصنف ره الحكم بأفضلية التخصيص بغير هذا الفرض وأطلقه بالنسبة إلى ما عداه من الصور من غير أن يقيده بعدم تمكن المحدث من الوضوء بالمبادرة إلى المباح أو وفاء سهمه في صورة الاشتراك كما هو الغالب وأحوط منه عدم التخطي عما ذكروه من ملاحظة كل منهما ما يقتضيه تكليفه بملاحظة نفسه من تحصيل الطهارة المائية مع القدرة عليهما بالمبادرة إلى حيازة المباح والمداقة في استيفاء حقه عند وفائه بما يحتاج إليه بل تملك سهم الميت و غيره لدى القدرة عليه وان كان مقتضاه حمل الصحيحة على ما لا يكاد يتحقق له مورد كما أشرنا إليه انفا لكن لا باس به بعد موافقته للاحتياط وابتناء السؤال في الرواية على مجرد الفرض والجواب على الأولوية والاستحباب والله العالم تنبيه لو أمكن الجمع بان يتوضأ المحدث مثلا ويجمع ماء الوضوء في اناء ثم يغتسل الجنب الخالي بدنه من النجاسة ويجمع مائه في الاناء ويغسل به الميت فقد صرح غير واحد من الأصحاب بوجوبه ولا ريب في أنه أحوط وأوفق بالقواعد ولو منعنا من استعمال المستعمل في الحدث الأكبر يجمع بين الوضوء وغسل الجنب أو الميت فان المستعمل في الوضوء يجوز استعماله ثانيا بلا خلاف فيه على الظاهر الا من بعض أهل الخلاف وفى محكى الذكرى بعد الإشارة إلى خبر عبد الرحمن بن أبي بحران قال وفيه إشارة إلى عدم طهورية المستعمل والا لامر بجمعه انتهى أقول ولو قيل بان فيه إشارة إلى عدم كون الامر في التيمم بهذه المكانة من الضيق والعجز عن تحصيل الماء بالمعالجات الغير المتعارفة لكان سليما من جملة من الاعتراضات التي يمكن ان يورد عليه من جرى الرواية مجرى الغالب من عدم خلو بدن الجنب عن النجاسة غالبا وعدم تيسر الجمع في مثل الفرض بقدر ان يكفي غيره وعدم صلاحية ما ذكر وجها لعدم الجمع بين الوضوء والغسل تقديم الوضوء على الغسل وان أمكن التفصي اما عن الأخير فلابتنائه على الاهتمام في امر الغسل برعاية الاحتياط فيه خوفا من أن ينقص مائه اما ما عداه من الدعاوى المتقدمة فاما غير مجدية أو غير مسموعة فان الغالب سهولة الاخذ مما ينفصل من غسالته بعد تطهير بدنه بقدر ان يتحقق أقل ما يجتزى به في الوضوء بمثل الدهن وكيف كان فطريق الاحتياط في جميع الفروض غير خفى والله العالم السابع الجنب إذا تيمم بدلا من الغسل ثم احدث أعاد التيمم بدلا من الغسل سواء كان حدثه أصغر أو أكبر فلو احدث بالأصغر ووجد ماء بقدر ان يتوضأ لم يعتد به بل يتيمم بدلا مما وجب عليه من الغسل على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا بل لم ينقل الخلاف فيه الا من السيد في شرح الرسالة وبعض المتأخرين كصاحبي المفاتيح والذخيرة وفى الحدائق أيضا تقويته قال السيد في محكى شرح الرسالة ان المجنب إذا تيمم ثم احدث حدثا أصغر ووجد ما يكفيه للوضوء توضأ لان حدثه الأول قد ارتفع وجاء ما يوجب الصغرى وقد وجد من الماء ما يكفيه لها فيجب عليه استعماله انتهى واعترض عليه بالاجماع المستفيض نقله بل المتواتر على أن التيمم لا يرفع الحدث بل يستباح به الصلاة فالجنابة باقية والاستباحة قد زالت بالحدث الأصغر والذي يجب على الجنب على ما نطق به الكتاب والسنة والاجماع انما هو الغسل فما دام العجز يأتي بما هو بدل منه وقد استدل في محكى المعتبر على بقاء الجنابة بعد ان ادعى اجماع العلماء كافة على أنه لا يرفع الحدث بان التيمم يجب عليه الطهارة عند وجود الماء بحسب الحدث السابق فلو لم يكن الحدث السابق باقيا لكان وجوب الطهارة لوجود الماء إذ لاوجه غيره ووجود الماء ليس حدثا بالاجماع ولأنه لو كان حدثا لوجب استواء المتيممين في موجبة ضرورة استوائهم فيه لكن هذا باطل لان المحدث لا يغتسل والجنب لا يتوضأ انتهى أقول هذا هو عمدة ما يستدل به للمشهور ويرد عليه أولا النقض بالطهارة العذرية أي طهارة أصحاب الجبيرة ونحوها على القول بوجوب اعادتها بعد زوال السبب لجريان هذا الدليل فيها حرفا بحرف ومقتضاه وجوب إعادة الغسل على صاحب الجبيرة إذا اغتسل من الجنابة ثم احدث بالأصغر مع أنه لا يظن بأحد من القائلين به الالتزام بذلك وحله ما عرفته في محله من أنه ان أريد بقولهم ان التيمم لا يرفع الحدث انه ليس كالوضوء والغسل مزيلا لاثره بالمرة بحيث لا يحتاج بعد تجدد القدرة من الماء إلى استعماله كما زعمه بعض العامة على ما قيل فهو حتى لا ريب فيه وان أريد به انه لا يفيد الطهارة التي هي شرط للصلاة ونحوها بل يؤثر في سقوط شرطية الطهارة لتلك الغايات بالنسبة إلى من عجز من استعمال الماء فهو مما لا يمكن الالتزام به لمخالفته لجميع ما دل على شرعية التيمم وبدليته من الوضوء والغسل وكونه أحد الطهورين ولا يظن بأحد من العلماء ان يرضى بذلك حيث إنه يتضمن مفاسد ومناقضات لا يمكن توجيهها كما أشرنا إلى جملة منها فيما تقدم فالحق انه طهور وهو نور لكن لمن لم يقدر على استعمال الماء ما دام كونه كذلك فإذا قدر عليه عاد محدثا بالسبب السابق حيث إنه صدق عليه مثلا انه رجل اتى أهله وهو قادر على استعمال الماء ولم يغتسل فهو جنب واما
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»