في شرعيته هو العجز حين الفعل لا العجز المستوعب لجميع الوقت مع أن دعوى الانصراف غير مسموعة فان ندرة تحقق فقدان الماء في الحضر لو كانت مقتضية لذلك لاقتضته أيضا بالنسبة إلى الاسفار التي جرت العادة بمصادفة الماء في طريقها كالحضر وليس كذلك قطعا بل لو كان مورد الاخبار خصوص المسافر لم تكن خصوصيته مقصودة بالحكم بلا شبهة ولذا استفدنا حكم ساير أولى الاعذار من مثل هذه الأخبار وكيف كان فالتوجيه المذكور انما هو على تقدير ان يكون مراده الإعادة في الوقت لافى خارجه والا فلم يعرف له وجه أصلا وقيل كما عن كتب الشيخ والمهذب والاصباح وروض الجنان فيمن تعمد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء يتيمم ويصلى يعيد لرواية جعفر بن بشير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل اصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف ان اغتسل قال يتيمم فإذا امن البرد اغتسل وأعاد الصلاة وعلله بعض أيضا بقاعدة الاحتياط لعدم العلم باجزاء الترابية في الفرض بعد ما ورد من التشديد عليه في عدة اخبار بالاغتسال وان تألم من البرد و (فيه) ما عرفت عند البحث عن مسوغات التيمم ان الأقوى شرعية التيمم لمن خشي على نفسه من استعمال الماء من غير فرق بين الجنب وغيره قال استحب للجنب بل ولغيره أيضا الطهارة المائية ما لم يكن خوفه على وجه يوجب وحرمة الاقدام عليها وكيف كان فلا شبهة في صحة التيمم والصلاة الواقعة معه في الفرض وهذه المرسلة أيضا شاهدة عليها لكنها تدل على وجوب اعادتها للإجادة وادراك فضيلة الصلاة مع الطهارة المائية فيعارضها من هذه الجهة المستفيضة المتقدمة التي وقع التصريح في جملة منها بعدم إعادة الجنب للصلاة الواقعة مع التيمم واختصاص موردها بفاقد الماء غير مجد في رفع المعارضة بعد وضوح عدم مدخلية الخصوصية في الحكم كما يدل عليه ما في بعضها من التعليل لعدم الإعادة باتحاد رب الماء ورب الصعيد وانه قد فعل أحد الطهورين وفى قول النبي صلى الله عليه وآله لأبي ذر حين جامع امرأته على غير ماء يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين أيضا إشارة إليه وأنت خبير بان حمل الإعادة في هذه المرسلة على الاستحباب أهون من التصرف في تلك الأخبار بل لولا معارضتها بتلك الأخبار لاشكل الاعتماد على مثل هذا الظهور في اثبات هذا الحكم التعبدي المخالف الأصل وقاعدة الاجزاء المعتضدة بظواهر الكتاب والسنة والدالة على انحصار ما وجب على المكلف في فرد من الطبيعة لا الفردين هذا مع ما فيها من ضعف السند ومخالفة ظاهرها لما عليه الأصحاب وتخصيصها بالمتعمد تأويل بلا شاهد بل المتبادر من قول السائل اصابته جنابة إرادة ما يعم الاحتلام فالمتعين اما طرحها وحملها على التقية لحكاية القول بمضمونها عن جملة من العامة أو الاستحباب كما هو الأولى خصوصا بملاحظة ما سمعته منا في بعض مباحث الوضوء من نفى البعد عن الالتزام بحسن الإعادة للإجادة مطلقا ولو لم يدل عليها دليل تعبدي والله العالم وعن الوسيلة والجامع والمقنع والنهاية والمبسوط والمهذب فيمن منعه زحام الجمعة من الخروج لاستعمال الماء قبل فوات الجمعة مثل ذلك أي يتيمم ويصلى ثم يعيد لموثقة سماعة عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي عليه السلام انه سئل عن الرجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة فأحدث وذكر انه على غير وضوء ولا يستطيع الخروج من كثرة الزحام قال يتيمم ويصلى معهم ويعيد إذا هو انصرف وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (ع) انه سئل عن رجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة لا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة الناس قال يتيمم ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف (أقول) اما شرعية التيمم وصحته في الفرض فمما لا ينبغي الاستشكال فيه كما يدل عليه الروايتان وغيرهما مما يدل على عموم طهورية التراب للعاجز حتى على القول بعدم جوازه في السعة لأن المفروض فوات الجمعة بالتأخير فمقتضى القاعدة الاجتزاء بالصلاة الواقعة معه وقد أشرنا في الفرع السابق إلى أن حمل الإعادة في مثل هاتين الروايتين على الاستحباب أهون من التصرف في القاعدة العقلية الذي مرجعه إلى التصرف في ظواهر الكتاب والسنة الدالة على انحصار الواجب بفرد من طبيعة الصلاة خصوصا مع ما في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها من تقرير القاعدة وتعليل عدم الإعادة بان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين ومن الواضح ان رفع اليد عن عموم هذه العلة المعتضدة بالعقل والنقل أشكل من حمل الإعادة على الاستحباب خصوصا مع اعراض المشهور عن ظاهر الروايتين هذا مع غلبة الظن بإرادة الجمعة مع المخالفين كما كان متعارفا في تلك الاعصار ويشعر بذلك قوله (ع) ويصلى معهم فلا يجرى بها وان صلاها بطهارة مائية كما يدل عليه جملة من الاخبار منها صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ان أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليه السلام انه صلى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم فقال يا زرارة ان أمير المؤمنين (ع) صلى خلف فاسق فلما سلم وانصرف قام أمير المؤمنين (ع) فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم فقال له رجل إلى جنبه يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن فقال اما انها أربع ركعات مشتبهات فوالله ما عقل ما قاله له فمن هنا قد يشكل الالتزام باستحباب الإعادة على تقدير صحة الجمعة وانعقادها باهلها الا من باب المسامحة لكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالإعادة خصوصا فيما إذا لم يتعين عليه صلاة الجمعة بان كان مخيرا بينها وبين
(٥٠٢)