مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٩٥
ذاتها في الاستيعاب الا بقرينة صدورها في مقام البيان فرفع اليد عنه بسائر الأدلة من قبيل التقييد الذي هو من أهون التصرفات خصوصا مع اتحاد مضمون معظم تلك الأخبار مع ما تضمنته هذه الروايات إذ الظاهر كون المجموع اخبارا عن قضية خاصة وهى ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله لتعليم عمار أو من أبى جعفر (ع) لتعليم زرارة ونظرائه والاخبار المقيدة لها قوة ظهور في عدم استيعاب مسح الوجه في شئ من القضيتين وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في عدم وجوب الاستيعاب نعم لا يبعد الالتزام باستحبابه ابقاء لبعض الأخبار المتقدمة على ظاهرها من هذه الجهة فليتأمل وهل المعتبر مسح الجبينين مع ما بينهما من الجبهة أو خصوص الجبينين كما يقتضيه الجمود على ما يترائى من أكثر الاخبار المقيدة السالمة من معارض مكافئ أو خصوص الجبهة كما استظهر من المشهور وجوه لم ينقل القول بأوسطها من أحد بل قد سمعت من بعض دعوى الاجماع بل الضرورة على اعتبار مسح الجبهة ولولا ذلك لأمكن الالتزام به بملاحظة ما عرفت واما الأخير وان نسب إلى المشهور لكن لا يساعد عليه دليل حيث لم يظهر من شئ من الاخبار إرادة الجبهة بالخصوص عدا موثقة زرارة التي وقع فيها التعبير بلفظ الجبهة على ما رواها في التهذيب و صدر عبارة الفقه الرضوي من تحديده بموضع السجود الظاهر في ارادته بالخصوص اما الموثقة فلم يثبت صدورها بهذا المتن لما سمعت من روايتها في موضع آخر من التهذيب وفى الكافي الذي هو أوثق منه في النقل بلفظ الجبين واحتمال كونها رواية أخرى باعتبار اختلاف طريقها ضعيف في الغاية مع أنه لا ينبغي الارتياب في كونها على تقدير المغايرة اخبارا عن القضية التي تضمنتها تلك الرواية فلابد من حمل كل منهما على مالا ينافي الأخرى بالالتزام بكون ما صدر في تلك القضية الخاصة مسح مجموع الجبهة والجبينين فإنه من أجمل وجوه الجمع بين الروايتين حيث لا يستلزم تصرفا في شئ من الروايتين الا من حيث ظهورهما لأجل مناسبة المقام في الاقتصار على الجبهة أو الجبينين وأنت خبير بوهن هذا الظهور في الغاية بل عدم ظهور شئ منهما فيما ينافي الاخر لا لعدم الاعتناء بمفهوم اللقب حتى ينافي وقوعه في مقام بيان الحد ولا لشيوع اطلاق الجبهة على ما يعم الجبين وعكسه حتى يتوجه عليه كونه مجازا لا يحمل اللفظ عليه الا مع القرينة بل لان مسح الجبهة باليدين لا ينفك عادة عن مسح الجبينين في الجملة وكذا عكسه فلا يستفاد من نقل الفعل التحديد الحقيقي الا ترى انه لا يفهم من الروايتين ان الإمام (ع) في تلك الواقعة لم يمسح حاجبيه نعم ما صدر عن الإمام (ع) في مقام الحكاية لفعل النبي صلى الله عليه وآله في مقام بيان التيمم من الاقتصار على لفظ الجبينين ظاهر في اعتبار مسحهما بالخصوص لا لظهور النقل في اقتصار المسح عليهما في تلك القضية الصادرة عن النبي صلى الله عليه وآله كيف ومسح الجبينين لا ينفك عادة عن مسح ما حولهما في الجملة ولو من باب المقدمة بل لأن عدم تعرض الإمام (ع) الا لنقل مسح الجبينين دليل على أن ما عداه لا يعتبر في مهية التيمم فيظهر منه الاختصاص وبما ذكرنا ظهر لك ما يقتضيه الجمع بين الرضوي على تقدير اعتباره بين الأخيار الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله الظاهرة في الاختصاص بالجبينين من رفع اليد عن ظاهر كل منهما بصريح الاخر فان الرضوي نص في اعتبار الجبهة وظاهر في عدم اعتبار غيره من باب السكوت في معرض البيان وسائر الأخبار عكسه فيؤل الظاهر بالنص هذا مع شيوع اطلاق كل من الجبهة والجبين على ما يعم الاخر بل قد يقال إن المتبادر عرفا من اطلاق الجبهة وكذا الجبين منفردا كما في بعض الأخبار هو المعنى الأعم الا ترى ان المتبادر من مثل قوله إذا مات المؤمن من عرق منه الجبين إرادة السطح المشتمل على الجبهة والجبينين وعلى هذا ينزل الاخبار المعبرة بالجبين بعد انعقاد الاجماع على عدم الاجتزاء بهما بالخصوص فيكون الاجماع كاشفا عن إرادة هذا المجاز الشايع أو دليلا لتقييد ما يظهر منها من اطلاق كفاية مسح الجبينين و يكون الرضوي والموثق شاهدين عليه على تقدير اعتبارهما ومؤيدين على تقدير العدم ولقد أعجب في الحدائق حيث حمل لفظ الجبينين في هذه الأخبار على إرادة خصوص الجبهة بعلاقة المجاورة مستشهدا بفهم المشهور حيث زعم التزامهم باعتبار مسحها بالخصوص و استنادهم فيه إلى هذه الأخبار وقد أشرنا في صدر المبحث إلى أن المظنون عدم إرادة المشهور الاختصاص واما حمل الاخبار على إرادة خصوص الجبهة فهو في غاية البعد لان ارادتها بالخصوص من لفظ الجبينين بل وكذا من لفظ الجبين كما في بعض الأخبار من المجازات المستنكرة التي لا يكاد يساعد عليها شئ من موارد استعمالاتهما وما استشهد به من ارادتها بالخصوص من لفظ الجبين في بعض اخبار السجود منظور فيه وكيف كان فقد اتضح ان الوجه * (الأول) * أعني اعتبار مسح الجبهة والجبينين مع كونه أحوط أشبه بظواهر النصوص بل وكذا الفتاوى بضميمة ما أشرنا إليه من القرائن واما مسح الحاجبين وان أمكن القول بوجوبه لعدم انفكاكه عن مسح الجبهة والجبينين غالبا وموافقته للاحتياط الذي قد يقال بلزومه في مثل المقام لكن عدمه اظهر إذ لا إشارة إليه في شئ من الاخبار بل ظاهر بعض الأخبار الحاكية وكذا ما روى في ذيل عبارة الفقه عدمه مع أن الحق ان المرجع على تقدير الشك هو البراءة لا الاحتياط نعم لو توقف عليه مسح الجبهة والجبينين أو العلم بمسحهما وجب من باب المقدمة فلا يجب إزالة ما عليها من الحائل لو لم يتوقف المسح
(٤٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»