مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٩٢
عليها بعض المناقشات الغير الخفية على المتأمل بل لدلالة مطلقها حتى ما اشتمل منها على نقل الفعل الصادر عن النبي صلى الله عليه وآله والوصي (ع) على أن التيمم المشروع عبارة عن ضرب اليدين على الصعيد ومسح الجبهة والكفين بهما وما ادعيناه من غلبة اشتمال الأرض على الغبار الذي يتأثر منه اليد انما هي مع يبوستها واما مع نداوتها كما هو الغالب في أيام الشتاء وأوقات نزول الأمطار في الأماكن الغير المحفوظة بسقف ونحوه فلا يتأثر اليد بضربها على الأرض الا من نداوتها ولا يعلق بها منها وان كانت ترابا الا الاجزاء الغير المستوعبة المنفصل بعضها عن بعض التي تزول النفض الذي لا شبهة في استحبابه مع أنه ليس في شئ من الاخبار اشعار باشتراط جفاف الأرض على وجه يثار منها الغبار وادعاء ان الصعيد هو التراب الخالص كما سمعته من بعض في محله مما لا يضر فيما نحن بصدده إذ لم يدع أحد كونه موضوعا للتراب اليابس الذي يثار منه الغبار ومجرد النداوة لا يخرج التراب من كونه مصداقا للتراب ولكن يمنعه من العلوق المحيط باليد الذي لا يحصل الا بالغبار وبما ذكرنا ظهر لك صحة الاستدلال للمدعى بالمستفيضة الواردة في التيمم الامرة بضرب اليدين على الأرض المشتملة على الامر بنفضها مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك ويديك وصحيحة أبي بصير وغيرها مما ستسمعه في المباحث الآتية وما فيها من اطلاق الامر بالنفض لا يصلح قرنية لا إرادة خصوص التراب الذي يعلق باليد لما أشرنا إليه من أخصته هذا المعنى مما يصحح الامر بالنفض فان مطلق لصوق شئ من اجزاء الأرض من رمل وحصى وتراب ونحوها بجزء من اجزاء اليد كما هو الغالب عند ضربها على الأرض يصحح ذلك ولا يتوقف على حصول العلوق الذي يشترطه القائلون به واستدل القائلون بالاشتراط بقوله [تع] فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه بدعوى ظهور كلمة من في التبعيض كما يؤيده صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) التي هي عمدة المستند لهذا القول قال قلت له الا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس والرجلين وذكر الحديث إلى أن قال قال أبو جعفر (ع) ثم فصل بين الكلام فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء إلى أن قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم فلما ان وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال بوجوهكم ثم وصل بها وأيديكم منه أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك اجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها الحديث واستدل أيضا بالامر بالمسح من الأرض في صحيحة الحلبي وابن سنان بالتقريب المتقدم في الآية وقد سبق عند تحقيق ما يتمم به ما يظهر منه ضعيف الاستدلال بالآية وبهذه الاخبار لاشتراط العلوق وعدم استقامة حمل كلمة من على التبعيض وعدم شهادة الصحيحة بذلك بل اشعارها لو لم نقل بدلالتها على عدم اعتبار العلوق فراجع واستدل لهم أيضا بظهور ما دل على طهورية التراب في كونه هو المطهر بمباشرته للجسد كالماء سيما بملاحظة المنزلة والبدلية وفيه بعد العلم بعدم إرادة تمريغ الجسد في التراب وعدم كون التطهير به كالتطهير بالماء وكونه امرا تعبديا متلقى من الشارع مالا يخفى فالقول باعتبار العلوق ضعيف لكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط برعايته مع الامكان فان في النفس مناسبات مغروسة مانعة من الجزم بالعدم وان اقتضته القواعد الظاهرية بل لا يبعد ان يدعى ان المتبادر إلى الذهن بواسطة تلك المناسبات من الامر بضرب اليدين على الأرض ومسح الجبهة والكفين إرادة ايصال اثرها الحسى اليهما مع الامكان لكونه أشد تأثيرا في حدوث العلاقة المصححة لإضافة المسح إلى الصعيد كما يؤيده الامر بالضرب وعدم الاكتفاء بمجرد الوضع فليتأمل * (فصل في تحديد) * الماسح والممسوح وكيفية المسح * (اما الماسح) * فيعتبر حصول المسح بما تحقق به الضرب مما باشر الأرض من باطن الكفين وما ناب منابه لدى الضرورة لكونه هو المتبادر من أدلته ويعتبر حصول مسح الجبهة بكلتا اليدين الدلالة معظم الاخبار البيانية قولا وفعلا عليه * (ففي) * صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) في التيمم تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك و يديك ورواية ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام قال في التيمم تضرب بكفيك على الأرض مرتين ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك إلى غير ذلك من الاخبار الظاهرة فيه وعن المحقق الأردبيلي والخونساري كفاية المسح بإحديهما لاطلاق الآية و بعض الأخبار وعن ثانيهما أنه قال كما يجوز حمل المطلق على المقيد يجوز القول بكفاية المطلق وحمل المقيد على أنه أحد افراد الواجب انتهى ولا يخفى عليك ما في الاستدلال باطلاق الآية بعد ثبوت كونها من المتشابهات التي يجب الرجوع فيها إلى تفسير أهل البيت عليه السلام واما بعض الأخبار المطلقة فالمراد به على الظاهر صحيحة زرارة الحاكية لفعل أبى جعفر (ع) في مقام التعليم بقوله فضرب بيده على الأرض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة واحدة وفى خبر أبي أيوب الخراز فوضع يده على الأرض ثم رفعها فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا وأنت خبير بأنه ليس في الروايتين اطلاق لكونهما اخبارا عن قضية خاصة فان تمت دلالتهما على وقوع الضرب في تلك القضية بيد واحدة لم يعارضهما شئ من الاخبار الظاهرة في اعتبار كونه باليدين بل يجب تأويل تلك الأخبار
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»