مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٨٩
فلا تصلح مثل هذه الروايات مع ما فيها من ضعف الدلالة قرينة لصرف الاخبار المتظافرة المتكاثرة الدالة على اعتبار الضرب والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر النصوص والفتاوى اعتبار كون الضرب بكلتا يديه فلو ضرب بإحديهما لم يجز بل يعتبر ان يكون دفعة كما عن جامع المقاصد وغيره التصريح به وفى الحدايق نسبته إلى ظاهر الاخبار والأصحاب ويمكن المناقشة في استفادة شرطية من الاخبار فان المنسق إلى الذهن من قوله اضرب بكفيك ونحوه وان كان ذلك لكنه انسباق بدوي لا يقف عنده الذهن بعد الالتفات إلى اطلاق الكلام وانتفاء ما يصلح قرينة لصرفه من امارة أو عادة ونحوها وكذا استظهاره من الاخبار الحاكية لفعلهم (ع) ليس الامر من هذا القبيل مع أن استفادة شرطية مثل هذه الأمور الجارية مجرى العادة من الفعل في خير المنع ويمكن دفعها بان مثل هذه المناقشة انما تتطرق في كل واحدة من الروايات لو لوحظت بنفسها واما بملاحظة المجموع فلا إذ لو سلم قصور دلالة كل من الروايات على اعتبار المعية فلا أقل من اشعارها بذلك فإذا اعتضد بعضها ببعض فلا تقصر عن مرتبة الدلالة هذا مع أن انكار ظهور مثل قوله (ع) فوضعهما على الصعيد أو ضربهما على الأرض في مقام حكاية الفعل في المعية مكابرة خصوصا بملاحظة قضاء العادة بأنه لو وقع مترتبا لوقع التصريح به ولو في بعض الأخبار الحاكية له واما احتمال كونها من باب العادة والاتفاق فإنما يمنع ظهور الفعل الصادر في مقام التعليم من ارادتها ما لم يتكرر واما إذا تكرر مرارا بقصد التعليم بكيفية خاصه فظاهره ان اختيار هذه الخصوصية في جميع تلك الوقايع انما هو لمدخليتها فيه ويؤيده بل ربما يستدل له بما ورد من أن التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للكفين وفى دلالته نظر لكنه لا يخلو من تأييد بل الانصاف ما أشرنا إليه من أن شيئا من المذكورات في حد ذاته لا ينهض دليلا لاثبات المدعى لكن المجموع من حيث المجموع لا يبعد كفايته مع موافقته للاحتياط الذي قد يقال بلزومه في مثل المقام فتأمل ولا يعتبر فيما يتيمم به من التراب وغيره اتصاله بالأرض وكونه من اجزائها بالفعل بل ولا كونه موضوعا عليها وانما يعتبر كونه من الأرض وان انفصل عنها بالفعل بحيث لم يصدق عليه بسبب انفصاله اسم الأرض بلا خلاف فيه على الظاهر بل عليه السيرة القطعية مضافا إلى استفادته من جملة من الاخبار مثل خبر السكوني والمروى عن الراوندي الدالين على جواز التيمم بالجص والنورة [مط] والمنع من الرماد معللا بأنه لم يخرج من الأرض وقد عرفت في محله دلالتهما على جواز التيمم بالرماد المتخذ من الأرض فضلا عن التراب المأخوذ منها ومثل ما دل على أن الله عز وجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا كما في صحيحة جميل فان مفاده ان التراب من حيث هو طهور وان لم يكن متصلا بالأرض ويؤيده الاخبار الامرة بالتيمم بنفض الثوب والتيمم بغباره أو بما على عرف دابته ولبد سرجه ونحوهما من الغبار وكيف كان فلا شبهة في جواز التيمم بالتراب ونحوه وان لم يكن متصلا بالأرض ولا موضوعا عليها بل يجزى لو كان على غيرها ولو بدن غيره كما هو ظاهر اطلاق الفتاوى والأدلة الدالة على طهورية التراب فما في التيممات البيانية ونحوها من ضرب الأرض محمول على المثال بل في الجواهر لو كان على وجهه تراب صالح فضرب عليه ومسح أجزء كما صرح به في الذكرى وغيرها لصدق الامتثال وعدم ما يصلح للمعارضة انتهى وهو حسن بشرط عدم حيلولة التراب حين المسح بين الماسح والممسوح إذ لا مدخلية لرفع اليد وانفصالها عن التراب بعد الضرب عليه في صحة التيمم ولو بحكم أصل البراءة فما عن بعض من عدم الاجتزاء به لتوقيفية العبادة مع تبادر غيره من الأدلة منظور فيه فان توقيفية العبادة لا تصلح مانعة من الرجوع إلى البراءة فيما يشك في اعتباره واما تبادر غيره من الأدلة فإنما هو باعتبار عدم تعارف كون الوجه محلا للتراب كانصرافه عن التراب الموضوع على شئ نفيس ونحوه مما لم تجر العادة بطرح التراب عليه وهذا مما لا يوهن اطلاق الدليل فان المتبادر من الامر بضرب التراب انما هو إرادة ايجاد هذه الطبيعة من حيث هي من دون التفات إلى خصوصيات المحل فهي أجنبية عن مهية المأمور به فالأظهر ما عرفت نعم لو امر يده على ما على وجهه من التراب مجتزيا به عن الضرب والمسح لم يجز لما عرفت من اعتبار الضرب ثم المسح به وعن المنتهى احتمال كفايته وهو ضعيف ويعتبر كون الضرب بباطن الكف كما يشهد به مغروسية في أذهان المتشرعة مضافا إلى أنه هو المتبادر من الامر بضرب اليد على الأرض ومسح الجبهة بها خصوصا من مثل قوله ثم مسح كفيه كل واحدة على ظهر الأخرى وتوهم كون الانصراف بدويا منشأه انس الذهن لأجل غلبة الوجود قد عرفت ضعفه في مبحث الوضوء عند التكلم في اعتبار كون المسح بباطن الكف وقد عرفت في ذلك المبحث انه لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهرها فكذلك فيما نحن فيه لو تعذر ضرب الباطن والمسح به ضرب بظاهر يديه ومسح به لعين ما مر من قاعدة الميسور بل امكان استفادته من اطلاق مثل قوله (ع) اضرب بكفيك الأرض بالتقريب المتقدم من أن انصرافه إلى الباطن انما هو مع الامكان لا مطلقا بدعوى ان الترتب بين المصاديق المتعارفة التي ينصرف إليها الاطلاق عرفي فينطبق عليه الاطلاق من دون ان يكون اللفظ مستعملا في معاني متعددة لكن قد يشكل الامر في المقام بالنسبة إلى فاقد الكفين
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»