مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٨٥
للكلام في رافعية التيمم للحدث عند البحث عن انتقاض تيمم الجنب بالحدث الأصغر فتبصر ومن الواجب في التيمم المباشرة كالوضوء والغسل بان يتولى بنفسه والترتيب بان يضع يديه على الأرض ثم يمسح الجبهة بهما من قصاص الشعر إلى طرف انفه ثم يمسح ظاهر كل من الكفين بالأخرى مقدما اليمنى على اليسرى والموالاة بلا خلاف في شئ منها بل عن غير واحد دعوى الاجماع على كل منها ولعله هو العمدة في مستند الأخيرين واما الشرط الأول أعني المباشرة فيدل عليه مضافا إلى ذلك ظهور الأدلة من الكتاب والسنة في اعتباره لما عرفت في مبحث الوضوء من أن الأصل في الواجبات التعبدية بل التوصلية أيضا على ما يقتضيه ظواهر أدلتها انما هو خروج المكلف من عهدتها مباشرة لا بالاستنابة والتسبيب الا ان يدل عليه دليل خارجي كما في التوصليات حيث علم فيها بحصول الغرض بوجود متعلق التكليف كيف اتفق فيسقط بذلك التكليف دون التعبديات التي لم يعلم فيها ذلك * (نعم) * لو تعذر عليه ذلك بان لم يتمكن من أن يتيمم بنفسه يممه غيره كالوضوء لما عرفته فيه ويدل عليه أيضا قوله (ع) في المستفيضة المتقدمة في مسوغات التيمم الواردة في المجدور الذي غسل فمات الا يمموه ان شفاء العى السؤال وفى مرسلة ابن أبي عمير ييمم المجدور والكسير إذا اصابتهما جنابة و مرسلة الصدوق المجدور والكسير يؤممان ولا يغتسلان وقد عرفت في مبحث الوضوء ان الذي يتولاه الغير انما هو صورة الفعل سواء نوى بفعله عنوان المأمور به أم لم ينوه وانما المعتبر هو نية العاجز المكلف بالوضوء أو التيمم لما عرفت من أن مقتضى القاعدة عند عجزه عن اتيان المأمور به مباشرة انما هو ايجاده بالتسبيب أعني بإعانة الغير بان يكون الغير بمنزلة الآلة له لاعلى وجه الاستنابة بان يكون نائبا عنه في امتثال الامر المتعلق به حتى يعتبر نيته كما في الحج وصلاة الاستيجار ولا يستفاد من الأخبار المتقدمة أيضا الا التسبيب والإعانة في صدور التيمم من العاجز وايجاده على وجه يقوم الفعل به بان يصير متيمما لا الاستنابة عنه والا لوجب على النائب ان يتيمم بنفسه بعنوان النيابة كما في ساير الافعال القابلة للاستنابة وقد تقدم مزيد توضيح لذلك في مبحث الوضوء ويظهر لك مما تقدم ان المعتبر في المقام انما هو ضرب الأرض بيدي العليل ومسح الجبهة والكفين بهما مع الامكان لا بيدي النائب لاعتبار خصوصيتهما في مهية التيمم فلا يجوز اهمالها من غير ضرورة نظير مسح الرأس والرجلين في الوضوء وقد عرفت ان المتجه ايجاده بيد العاجز لا المتولي وتنظيره على الغسل أو غسل الوجه واليدين في الوضوء حيث لا يعتبر فيهما مباشرة العاجز بنفسه قياس مع الفارق كما لا يخفى واما الترتيب بين الاجزاء اما وجوب تقديم مسح الجبهة على مسح الكفين كتقديم ضرب اليد على الأرض على مسح الجبهة فهو مما لا شبهة فيه كما يدل عليه مضافا إلى الاجماع جميع الأدلة الواردة في بيان كيفية التيمم حتى الكتاب العزيز فإنه وان وقع فيه عطف الا بذى على الوجوه بالواو لكن المتبادر منه في المقام ولو بملاحظة وروده بعد بيان الوضوء الذي يجب فيه البداة بما بدء الله انما هو إرادة الترتيب واما الترتيب بين مسح الكفين فربما يتأمل في استفادته من الاخبار لخلو أكثرها كظاهر الكتاب من الاشعار به فضلا عن الدلالة عليه بل لا يبعد دعوى ظهور بعض الأخبار في الاجتزاء بمطلقه وان لم يحل عن من تأمل واستدل لاعتبار الترتيب مطلقا بصحيحة زرارة المروية عن مستطرفات السرائر عن الباقر عليه السلام الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله عند بيان كيفية التيمم قال (ع) فضرب بيديه على الأرض ثم ضرب إحديهما على الأخرى ثم مسح بجنبيه ثم مسح كفيه كل واحدة على ظهر الأخرى فمسح اليسرى على اليمنى واليمنى على اليسرى لظهورها في وقوع الفعل بالترتيب المذكور في الرواية فلا يجوز التخطي عنه عند احتمال مدخلية الترتيب في صحة العمل خصوصا بعد معلومية اعتباره بين ساير الاجزاء واحتمال جرى الترتيب الخاص مجرى العادة والاتفاق أو كونه مستحبا مما لا يلتفت إليه ما لم يتحقق لان وقوعه في مقام البيان بمنزلة ما لو قال يتمموا بهذه الكيفية فلا يجوز اهمال شئ من الخصوصيات التي يحتمل دخلها في المأمور به وبهذا التقريب يمكن الاستدلال به لاعتبار الموالاة أيضا لكن الانصاف انه لا يخلو من نظر يظهر وجهه مما مر في مبحث الوضوء من عدم صلاحية اطلاق القول فضلا عن الفعل لا يكون بيانا لوجه الخصوصيات الجارية مجرى العادة بعد العلم بعدم ارادتها على الاطلاق خصوصا بالنسبة إلى الموالاة التي يقتضيها العادة في مقام التعليم هذا مع امكان ان يقال إنه ربما يستشعر من قوله (ع) ثم مسح كفيه كل واحدة على ظهر الأخرى ان هذا على اجماله هو المعتبر في مهية التيمم وما ذكره بعد هذه الفقرة اخبار عما وقع من باب الاتفاق كما يؤيد ذلك الاقتصار في ساير الاخبار الحاكية لفعل النبي صلى الله عليه وآله على هذه الفقرة هذا كله مع أن ظهور الرواية في وقوع مسح اليمنى قبل اليسرى أيضا لا يخلو من تأمل فتأمل * (ثم) * انه لو تم الاستدلال بذلك لاعتبار الترتيب أو الموالاة فهذا انما يتم لو لم يفهم عدمه من اطلاقات الأدلة كما هو المفروض والا فلا يصلح الفعل لمعارضة القول كما هو واضح وربما يستدل له بالفقه الرضوي صفة التيمم ان تضرب بيديك على الأرض ثم تمسح بهما وجهك موضع السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف ثم ضرب أخرى فتمسح بها اليمنى إلى حد الزند وروى من أصول الأصابع تمسح باليسرى اليمنى و
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»