مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٨٢
لكن ينافيه اطلاقه نفى الإعادة في المعتبرة الواردة فيمن وجد الماء في الوقت من دون استفصال مع أن الغالب في الموارد التي يعثر على الماء بعد صلاته قيام احتماله حين التيمم وعدم تحقق الياس من الإصابة إلى آخر الوقت فليس ارتكاب التقييد في مثل هذه الروايات بأهون من حمل الامر بالتأخير على الارشاد والاستحباب مع ما سمعت من وجود الشاهد لهذا الحمل في نفس تلك الأخبار وغيرها واما الاستدلال للمنع بالاجماعات المنقولة ففيه مالا يخفى بعد معروفية الخلاف في المسألة قديما وحديثا واضعف منه الاستدلال له بالاحتياط وبعدم تحقق الضرورة الا في اخر الوقت وتعذر الاطلاع على العجز الا عند الضيق إذ لا يصلح شئ من ذلك دليلا لرفع اليد عن ظواهر الأدلة المعتبرة اما الأول فواضح واما الأخيران ففيهما ان المناط في شرعية التيمم على ما يستفاد من ظاهر الكتاب وغيره هو العجز عن استعمال الماء والاضطرار إلى فعل التيمم عند إرادة الاتيان بشئ من غاياته لا الاضطرار إلى ايجاد تلك الغاية مع التيمم فالمناط هو العجز حين الفعل كما عرفت نظيره في مبحث الوضوء الصادر تقية لا العجز المطلق والا لم يتحقق موضوعه بالنسبة إلى التيمم لقضاء الفوائت وغيرها من الواجبات الغير الموقتة ولم يكن وجه لعدم الإعادة عند وجدان الماء بعد الصلاة كما نطق به المعتبرة المستفيضة واما ما قيل من وجوب الانتظار مع العلم بحصول الماء في اخر الوقت ففيه انه ان دل عليه دليل من نص أو اجماع فهو والا فللنظر فيه مجال وان كان الأظهر انصراف ما دل على شرعية التيمم للعاجز عن العاجز الذي يعلم بأنه سيتمكن عن قريب من استعمال الماء بل يمكن ان يقال إن هذا لا يعد عرفا من مصاديق العاجز وان تعذر عليه عقلا فعل الوضوء بالفعل فإنه بنظر العرف بمنزلة الواجد للماء الذي يسعى في تحصيل مقدماته فإنه قبل تحصيل المقدمات يمتنع في حقه الوضوء لكنه ليس بنظر العرف من افراد العاجز الا ترى انه لو امر المولى عبده باطعام شخص مثلا في الغد بخبز الحنطة مع الامكان وبالشعير لدى الضرورة ولم يجد العبد في البلد الا الشعير فاطعمه بذلك يعد ممتثلا وان احتمل حال الاطعام تجدد القدرة من تحصيل الحنطة فيما بعد بخلاف ما لو علم بأنه سيتمكن من تحصيله في زمان يقع امتثالا للواجب والحاصل انه فرق في المعذورية بالنسبة إلى التكاليف العذرية بين ما إذا علم بتجدد القدرة وبين ما إذا لم يعلم بذلك وان احتمله كما لا يخفى على من راجع وجدانه وقد نبهنا على ذلك في مبحث التقية هذا مع امكان ان يدعى انه يستفاد من الأخبار السابقة ونحوها بنحو من الدلالات الغير المقصودة انه لا يرضى الشارع بفعل التيمم مع العلم بإصابة الماء في الوقت فليتأمل ثم إن هذين الوجهين لو تما فلا يصلح شئ منهما دليلا الا لاثبات مذهب المفصل ضرورة ان الاضطرار إلى فعل التيمم انما يتحقق بوجوب الصلاة عليه وعدم قدرته على ايجادها مع الطهارة المائية غاية الأمر انه قبل ان يتضيق الوقت لم يتضيق عليه الخروج من عهدة ما اضطر إليه وهذا لا ينفى اضطراره إلى أصل الفعل بعد فرض عدم قدرته على استعمال الماء في مجموع الوقت فمتى أحرز ذلك ولو في أول الوقت بان يئس من زوال عذرة في الوقت له فعل التيمم وما قيل من أنه لا يعرف العجز في مجموع الوقت الا بالتضيق ففيه مالا يخفى ضرورة ان المريض والجريح وغيرهما من ولى الاعذار كثيرا ما يقطعون بامتداد عذرهم إلى اخر الوقت وكيف كان فلا ينبغي الاعتناء بمثل هذه الأدلة في مقابلة ما عرفت خصوصا مع ما في وجوب انتظار اخر الوقت من الحرج المنافى لشرع التيمم فان أشق ما يكون على المريض وغيره من أولى الاعذار الزامهم بذلك خصوصا بالنسبة إلى العشائين وما قيل في التفصي عن ذلك بان له المندوحة عن ذلك بحفظ طهارته السابقة أو الاتيان بالتيمم في أول الوقت لساير الغايات ففيه مالا يخفى من أن امكان الفرار من تكليف لا ينفى كونه حرجيا فالأظهر جواز التيمم مع سعة الوقت لكن الأحوط بل الأفضل التأخير إلى أن يتضيق خصوصا مع رجاء زوال العذر والله العالم ثم إن اخر الوقت الذي ينبغي للمتيمم رعايته أو يجب على الخلاف فيه انما هو اخره عرفا بحيث عد اتيان الصلاة مع التيمم عنده بنظر العرف اتيانا بها في اخر وقتها لا الاخر الحقيقي الذي لم يتسع الا لفعل التيمم والصلاة فان تحديدهما بالاخر الحقيقي تكليف بما لا يطاق ويكفى في تحققه عرفا على الظاهر عدم زيادة الوقت عن فعل التيمم وأداء صلاة المختار ولو الفرد الطويل منها إذا كان لها فردان طويل وقصير كالتمام في مواضع التخيير بل ولو مع بعض المندوبات المتعارفة في الصلاة مثل القنوت بل مع مقدماتها المتعارفة قبل الصلاة من وضع التربة والمشي إلى مكان المصلي وستر المرأة جسدها ونحو ذلك زيادة معتدا بها في العرف ويكفى في احرازه الظن بل خوفه من أن يفوته الوقت إذا اخر كما يدل عليه قوله (ع) في حسنة زرارة المتقدمة فان خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت ثم إنه إذا اعتقد ضيق الوقت أو ظنه أو خاف فواته فيتيمم وصلى ثم انكشف وقوعها في السعة تمت صلاته ولا يعيدها ولو على القول بالمضايقة كما هو المشهور عند أربابها على ما صرح به غير واحد خلافا لما عن الشيخ من الإعادة وهو ضعيف محجوج بالأخبار المستفيضة التي كادت تكون متواترة المصرحة بعدم الإعادة ومقتضاه ان يكون اعتقاد الضيق وخوف خروج الوقت في حد ذاته بناء على اعتبار الضيق هو الشرط في صحة التيمم والصلاة لا الضيق الواقعي * (وليعلم) * انه حكى عن صريح جماعة وظاهر آخرين ان محل الخلاف في المسألة يعنى الاتيان بالصلاة مع التيمم في سعة الوقت انما هو في غير المتيمم واما من كان
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»