مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٨٦
باليمنى اليسرى على هذه وروى إذا أردت التيمم اضرب كفيك على الأرض ضربة واحدة ثم تضع احدى يديك على الأخرى ثم تمسح بأطراف أصابعك وجهك من فوق حاجبيك وبقى ما بقي ثم تضع أصابعك اليسرى على أصابعك اليمنى من أصل الأصابع من فوق الكف ثم تمرها على مقدمها على ظهر الكف ثم تضع أصابعك اليمنى على أصابعك اليسرى فتضع بيدك اليمنى ما صنعت بيدك اليسرى على اليمنى مرة واحدة وهذه الرواية لا قصور في دلالتها بل ما روى فيها مرسلا صريح في الترتيب بين الاجزاء بل بين اجزاء الاجزاء أيضا كما لعله المشهور بل المجمع عليه على ما ادعى ولا يبعد انجبار مثل هذه الرواية بفتوى الأصحاب واجماعهم الموجب للوثوق لصدق الرواية المرسلة وصدور مضمونها عن الحجة وقد يستدل له أيضا صحيحة ابن مسلم عن الصادق عليه السلام قال سئلته عن التيمم فضرب بكفيه الأرض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقة إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الأرض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل في الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين والقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا يوهم بالصعيد وفيه مالا يخفى بعد كون الرواية مطروحة ومحمولة على التقية كما يؤيدها ما فيها فيما هو بدل الوضوء من اعتبار مسح اليدين منكوسا منتهيا إلى المرافق كما هو شعار العامة في وضوئهم وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في أصل الحكم أعني اعتبار الترتيب بعد استفاضة نقل الاجماع المعتضد بعدم نقل الخلاف في المسألة وبالرضوي مع ما فيه من الرواية المرسلة المعتضدة بالفتاوى والاجماعات المنقولة وغيرها من المؤيدات والله العالم واما الموالاة بين الاجزاء فمما لا خلاف فيه بل عليها نقل الاجماع ان لم يكن متواترا ففي غاية الاستفاضة ولعل مستندهم عدم انصراف الذهن عند الامر بمركب ذي اجزاء بل عند الامر بعدة أشياء مرتبط بعضها ببعض في التأثير وان لم يسم المجموع باسم خاص انما هو ايجادها متوالية على وجه يلتئم بعضها مع بعض بنظر العرف بان لم يفصل بينها بمقدار يعتد به الا ترى انه لو قال المجتهد لمقلديه انه يستحب تسبيحة الزهراء سلام الله عليها في كل وقت وهى عبارة عن عدة تكبيرة وتحميدة وتسبيحة أو قال يستحب الأذان والإقامة لكل صلاة وعدد له اجزائهما أو قال يجوز مثلا التفأل بالمصحف بكيفية خاصة بان تصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثلاث مرات ثم تقرء التوحيد ثلاث مرات ثم تقرء الدعاء الفلاني ثم تفتح المصحف لا يفهم من اطلاق قول المجتهد شرعية هذه الأمور على الاطلاق ولو عند تقطيع بعض اجزائها عن بعض بان يأتي بعضها مثلا في الصبح وبعضها في الظهر وبعضها في العصر بل لا ينسبق إلى ذهنه عند الإرادة ايجادها متوالية والانصاف ان منع انصراف مثل هذه الاطلاقات عن مثل الفرض مكابرة واما دعوى انصرافها إلى إرادة التوالي المانعة من نفى شرطيته بأصل البراءة فهي قابلة للتأمل وان كان الأقرب وهو الانسباق لكن لاعلى وجه يظهر منه الاشتراط بل نظير إرادة القيود الجارية مجرى العادة في عدم كونها من مقيدات ما تعلق به الغرض فالمتبادر من الامر بايجاد مركب مترتب اجزائه في الوجود انما هو إرادة ايجاد تلك الأجزاء بلا فصل يعتد به زائدا عما يقتضيه العرف والعادة لكن لاعلى وجه يفهم منه كون الفصل مخلا بغرض الامر نظير ما لو امر المولى عبده بغسل ثوبه وكان عندهما ماء فان المتبادر منه إرادة الغسل بالماء الموجود من دون ان يفهم منه اشتراط الخصوصية و [ح] لو شك في اعتبار تلك الخصوصية الحاضرة في ذهن الامر الموجبة لعدم التفاته في مقام الطلب الا إليها يشكل رفع اليد عنها ما لم يعلم بعدم مدخليتها في الغرض بل لا يبعد ان يقال إن المتعارف في هذا النوع من المركبات لدى العرف على تقدير احتياجهم إليها في مقاصدهم العرفية انما هو ايجادها متتابعة نظير قراءة دعاء أو شعرا وقصيدة فلو تعلق الامر بشئ من هذا السنخ وان لم يكن شخصه معهودا لديهم لا يتبادر الا ارادته بالكيفية المتعارفة في نوعه فالمتبادر من الامر بالوضوء والغسل والصلاة وغيرها من العبادات المركبة انما هو إرادة ايجادها متوالية الاجزاء فيشكل التخطي عن ذلك الا ان يعلم بتنقيح المناط أو بدليل خارجي عدم اختلالها بالفصل الطويل كما ثبت ذلك في الغسل فيكون الأصل في العبادات المركبة المستفادة من الأدلة اللفظية اعتبار التوالي ما لم يتحقق خلافه ولو نوقش في عموم هذه الدعوى فلا مجال للتشكيك فيها بالنسبة إلى التيمم بعد ما سمعت من عدم الخلاف فيه واستفاضة نقل الاجماع عليه فما عن بعض من عدم اعتبار الموالاة فيما هو بدل من الغسل نظرا إلى عدم اعتبارها في المبدل منه ضعيف ولم يقصد بتنزيل التراب منزلة الماء شرعا ما يعم كيفية استعماله كما هو واضح وقد ظهر لك بما ذكرنا ان الموالاة المعتبرة في التيمم انما هي ايجاد اجزائه متتابعة من غير فصل يعتد به زائدا عما يقتضيه العادة في ايجاد مثل هذه المركبات وماله إلى اعتبار المتابعة العرفية كما عن بعض تفسيرها بها وعن بعض تحديدها بتقدير الجفاف وان كان ماء وفيه مالا يخفى وفى الجواهر فسرها بعدم التفريق المنافى لهيئة التيمم وصورته نظرا إلى أن ذهاب الصورة يوجب انتفاء الاسم فيتجه [ح] الحكم بالفساد كما في كثير من العبادات وتنظر في كلام من فسرها بعدم المتابعة العرفية على تقدير انفكاك فوات المتابعة عن ذهاب الصورة واعترضه بعض بما ملخصه ان البطؤ بقدر الماحي
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»