مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٨٣
متيمما لصلاة قد ضاق وقتها أو لنافلة أو لفائتة ثم حضر وقت صلاة أخرى أو كان حاضرا جاز له الصلاة من غير اعتبار الضيق لوجود المقتضى وهو سببيته الوقت للوجوب وارتفاع المانع وهو العجز عن الفعل لتعذر تحصيل الطهور المتوقف على ضيق الوقت فعلى هذا لا يبقى للنزاع ثمرة يعتد بها أدلة [ح] التيمم لغاية أخرى غير الحاضرة ثم يأتي بها في سعة الوقت وملخصة ان النزاع انما هو في صحة التيمم في السعة وافادته للطهارة واما جواز الاتيان بالغايات المشروطة بالطهور التي منها فعل الحاضرة في أول وقتها فلا خلاف فيه بعد انعقاده صحيحا ما دام بقاء اثره وهذا هو الأوفق بما سيأتي في الأحكام من أنه إذا تيمم لغاية يستباح به ساير الغايات وان لم يضطر إليها كما نبهنا عليه عند التكلم في حرمة إراقة الماء مع الانحصار لكن ظاهر بعض الأدلة المتقدمة للمضايقة ان الصلاة مع التيمم فرد اضطراري للصلاة اجتزى به في مقام الضرورة فعلى هذا تندرج المسألة في موضوع مسألة جواز البدار لأولي الأعذار فان منعناه مطلقا أو مع رجاء زوال العذر ففي المقام أيضا يقتضى المنع والا فالجواز ولذا صرح بعض بكون الصلاة من المتطهر بالتيمم من جزئيات هذه المسألة وانكر على من خص محل الخلاف بغير المتيمم لكنك عرفت فيما سبق عند الاستشكال في حرمة الإراقة انه لم يثبت اشتراط الصلاة بأزيد من جنس الطهور الحاصل في الفرض بل ثبت عدم فالطهارة الحاصلة بالتيمم طهارة اضطرارية لا الصلاة الواقعة معها ولذا استشكلنا في حرمة تفويت التكليف بالطهارة المائية مع أنه ليس لها وجوب نفسي فلا ينبغي التأمل في جواز الصلاة في السعة بعد فرض صحة التيمم وكونه متطهرا ولو على القول بعدم جواز البدار لأولي الاعذار كما هو الحق على تقدير رجاء زوال العذر لا مطلقا نعم مقتضاه المنع من فعل التيمم في السعة لولا دلالة الأدلة المتقدمة على خلافه والواجب في التيمم كاخويه الوضوء والغسل النية لعين ما مر فيها وقد عرفت فيما مر في مبحث الوضوء تحقيق النية المعتبرة في صحة العبادة وانه يكفي في تحققها واتصاف العبادة بكونها منوية انبعاثها من عزم وإرادة متقدمة على الفعل سواء كانت الإرادة التفصيلية الباعثة على الفعل مقارنة لأول جزء منه أو مفصولة عنه ولو قبل ايجاد مقدماته لكن لا يتحقق الانبعاث عن تلك الإرادة السابقة المنبعثة عن قصور الفعل وغايته التي هي عبارة عن حصول الامتثال والتقرب به الا إذا بقيت تلك الإرادة في النفس بنحو من الاجمال بان لم يرتدع ولم يذهل عنها بالمرة حتى يعقل تأثيرها في ايجاد الفعل واتصافه بكونه منويا فالمعتبر حين الفعل انما هو وجود الداعي إليه الذي هو أعم من الإرادة التفصيلية والاجمالية ولذا شاع في السنة المتأخرين تفسير النية المعتبرة في صحة العبادة بالداعي لكن الظاهر أنه مسامحة وان النية اسم للإرادة التفصيلية لكن لا يشترط في اتصاف العمل بكونه منويا اقترانه بها وانما المعتبر استدامة حكمها أي باعثيتها على الفعل بحيث يكون الفعل بجميع اجزائه منبعثا عنها وكيف كان فلا يعتبر في صحة العبادة أزيد من ذلك فان قلنا بان النية عبارة من الإرادة التفصيلية فلا يشترط مقارنتها للفعل وان قلنا بأنها أعم منها ومن الإرادة الاجمالية الداعية إلى الفعل فيشترط مقارنتها بل استدامتها إلى اخر العمل وكيف كان فالذي يعتبر في صحة التيمم كاخوية انما هو ايجاده بداعي القربة وامتثال الامر المتعلق به المتولد من الامر بغاياته ولا يعتبر فيه أزيد من ذلك من قصد لوجه والاستباحة وغيرها كما عرفت تحقيقه في مبحث الوضوء لكن لما كان التيمم مختلفا بالنوع لوقوعه بدلا من الوضوء وغسل الجنابة والحيض وغيرها من الأغسال المختلفة بالنوع من غيران يجتزى بما يقع بدلا من بعض عما يقع بدلا من اخر الا ان يكون مبدله كذلك كما ستعرفه وجب تمييز كل نوع عند إرادة امتثال الامر المتعلق به عما يشاركه في الجنس حتى يصح وقوعه امتثالا لذلك الامر المتعلق بالنوع وحيث انه لا سبيل لنا إلى تشخيص تلك الطبايع بغير القصد وجب علينا عند إرادة الاتيان بشئ من تلك الأنواع القصد إلى وقوعه بعنوان يخص ذلك النوع ككونه بدلا من الوضوء أو غيره أو ما يؤدى مؤداه في التمييز وان لم يقصد به عنوان البدلية كان قصد مثلا بفعله تيمما يقع امتثالا للامر الناشئ من خروج البول أو المنى أو غير ذلك مما يوجب تمييز المأمور به عن غيره ولو بتوصيفه بالوجوب كما إذا انحصر الواجب في حقه في نوع فنوى بفعله الاتيان بذلك التيمم الذي وجب عليه بالفعل والحاصل انه يعتبر في صحة كل نوع من التيمم تعيينه بالقصد فان أراد القائل باعتبار قصد البدلية من الوضوء أو الغسل ذلك فنعم الوفاق وان أراد قصدها من حيث هي وان حصل التعيين بغيره فلا دليل عليه بقي في المقام شئ وهو انه صرح غير واحد بأنه لا يجوز في التيمم نية الرفع وانما ينوى به استباحة الغايات المشروطة بالطهور لأنه غير رافع للحدث اجماعا كما عن جماعة نقله وظاهرهم بل صريح بعضهم ان التيمم لا يفيد الطهارة بل اثره رفع المنع من الدخول في الصلاة ونحوها مع الحدث ومستندهم في ذلك بحسب الظاهر ليس الا انه لو كان التيمم مفيدا للطهارة التي هي نقيض الحدث لم يعقل انتقاضها بوجدان الماء الذي ليس بحدث اجماعا وستعرف انه ينتقض بذلك فيكشف ذلك عن أن الحدث لم يكن زائلا والا لم يعد بلا سبب أقول اما انتقاض التيمم بوجدان
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»