مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٨٠
لم يكن أسبابه متهيئة بالفعل لكن علم بحصولها لدى الحاجة إليها وجب عليه بحكم العقل الاتيان بما يتوقف عليه فعل الحج من المقدمات المنحصرة دون غيرها لا بمعنى انه لو اتى بمقدمة غير منحصرة لا تقع مصداقا للمقدمة الواجبة حتى لا يمكن قصد التقرب بعمله بل بمعنى انه لا يتعين عليه فعلها نظير قولنا لا يجب الصلاة في المسجد فحال الطهور قبل دخول الوقت عند التمكن منه بعده حال المضي إلى الحج مع التمكن من تأخيره فلا يجب لكن بالمعنى الذي عرفته وعلمت عدم منافاته لقصد التقرب بفعله المعتبر في طهورية الطهور فتحديد الطهور بالوقت في الرواية على الظاهر ليس الا بهذه الملاحظة بمعنى انه لا يتنجز التكليف بفعله الا بعد دخول الوقت لا انه لا يجوز فعله قبل الوقت كيف وهو في حد ذاته نور يجوز الاتيان به لذاته مطلقا فضلا عن رجحان فعله بقصد التوصل به إلى أداء الواجب في وقته فجواز تحصيل الطهور قبل الوقت بل رجحانه في الجملة مما لا شبهة فيه وانما الكلام في أن الوضوء قبل الوقت هل يفيد الطهارة أم لا وهو أجنبي عما يفهم من هذه الرواية و * (كيف) * كان فالاستدلال بها للمنع ضعيف بل الظاهر عدم استناد الأصحاب إليها ولذا لم يذكروا الوقت من شرايط الوضوء والغسل ولم يعتبروا فيها عدا تحققهما في الخارج قربة إلى الله تعالى لكنهم بنوا على عدم حصول التقرب بفعله قبل الوقت لزعمهم انتفاء الامر وقد بينا خلافه فالأظهر جواز ايجادهما قبل الوقت لكن الأحوط تركه الا لساير الغايات واما التيمم فقد عرفت ان عدم جواز تقديمه أيضا من المسلمات بل لا خلاف فيه على الظاهر عدا ما حكى عن كاشف الغطا من جوازه بل وجوبه قبل الوقت إذا علم بأنه لم يتمكن منه بعد الوقت فإن كان مستندهم فيه أيضا ما عرفت فقد عرفت ما فيه لكن يمكن ان يوجه ذلك بان التيمم طهارة اضطرارية اعتبرت الحاجة قيدا في طهوريته فما لم تتحقق الحاجة الفعلية لا يفيد طهارة وانما يتحقق الحاجة إليه عند إرادة الخروج من عهده شئ من غاياته التي تنجز التكليف بها بدخول وقتها ولا ينتقض ذلك بالتيمم في الليل لصوم الغد لان وقت الحاجة إليه انما هو في الليل لادراك الفجر متطهرا نعم الأحوط تأخيره إلى الليل أو الاتيان به لشئ من غاياته المنجزة كما أن الأحوط بل الأقوى وجوب تحصيل الطهارة بالتيمم لشئ من غاياته مقدمة لفعل الصلاة في وقتها إذا علم بأنه لا يتمكن من تحصيلها في الوقت هذا غاية ما أمكننا من القول في توجيه عدم جواز التيمم قبل الوقت مع اعتضاده بقاعدة الاحتياط التي لا يبعد القول بوجوبه في مثل المقام لكنه مع ذلك يحتاج إلى مزيد تأمل الا ان المسألة بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه لكن الذي يوجب التشكيك فيها احتمال استناد المجمعين إلى القاعدة التي أقمنا البرهان على خلافها فلا يكون مثل هذا الاجماع موجبا للقطع بقول المعصوم وان كان المظنون عدم استنادهم إلى خصوصها في خصوص التيمم كما يؤيد ذلك ما ستسمعه من الخلاف ما لم يتضيق وقته فالأحوط بل الأظهر عدم جوازه قبل دخول الوقت ولو مع العلم بعد التمكن من ايجاده بعده نعم يجب عليه في هذا الفرض بمقتضى القاعدة التي قررناها تحصيل الطهارة بايجادها لشئ من غاياتها المنجزة مقدمة لادراك الصلاة مع الطهور في وقتها والله العالم بحقايق أحكامه * (وكيف) * كان فلا ريب في أنه يصح التيمم مع تضيقه أي الوقت وربما يستدل له بالاجماع المحصل والمنقول وفيه مالا يخفى بعد ثبوت شرعيته بالضرورة من الدين وكون هذا الفرض هو القدر المتيقن من مورده الموجب لخروج من ينكره من الدين وهل يصح مع سعته فيه تردد منشأه تصادم الأدلة واختلاف الفتاوى فقيل بالجواز مطلقا كما عن الصدوق وجملة من المتأخرين وقيل بالمنع مطلقا كما عن الشيخ في أكثر كتبه والسيد وأبى الصلاح وغيرها بل ربما نسب ذلك إلى الأكثر بل المشهور بل عن السرائر انه مذهب جميع أصحابنا الا من شذ ممن لا يعتد بقوله لأنه عرف باسمه ونسبه بل عن الانتصار والغنية والناصريات وشرح الجمل وأحكام الراوندي الاجماع عليه وقيل بالمنع مع رجاء زوال العذر والجواز مع عدمه كما عن ابن الجنيد وعن المصنف في المعتبر والعلامة في جملة من كتبه اختياره واستدل للأول باطلاق قوله [تع] وان كنتم مرضى [الخ] فان ظاهره قيام التيمم مقام الوضوء والغسل عند إرادة الصلاة ويدل عليه أيضا جملة من الاخبار مثل خبر داود الرقى عن الصادق عليه السلام أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء يقال إن الماء قريب منا فاطلب الماء وانا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب ولكن تيمم فانى أخاف عليك إلى اخره و خبر السكوني الامر بالفحص غلوة أو غلوتين فإنه يفهم منه جواز التيمم والصلاة عند حضور وقتها من غير تعرض فيها لوجوب التأخير بل اشعارها بإرادة الصلاة في أول الوقت وأوضح منها دلالة على المدعى المعتبرة المستفيضة التي كادت تكون متواترة الدالة على عدم الإعادة لمن صلى ثم وجد الماء وفى كثير منها التصريح بوجدانه في الوقت مثل رواية علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أتيمم واصلي ثم أجد الماء وقد بقي على وقت فقال لا تعد الصلاة فان رب الماء هو رب الصعيد [الخ] وموثقة أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل تيمم وصلى ثم بلغ الماء وقبل ان يخرج الوقت قال ليس عليه إعادة الصلاة وصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام فان أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت قال تمت صلاته ولا إعادة عليه إلى غير ذلك من الاخبار
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»