وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٩٥
فقد نظرت في أمور المسلمين، فوجدت أحمد العاقبتين العافية، وساء فعل في أموركم ما تحمدون عاقبته.
ثم نزل عن المنبر، وكتب إلى معاوية كتابا: أما بعد، فقد وصل كتابك وفهمت ما فيه، والحمد لله الذي عرفك الحق وردك إلى الصلة، ولكنك إن كنت كتبت عقدا صحيحا ونية حسنة، لا غدر ولا مكيدة، فازرع في قلبي مودة وقبولا. فأعطاه معاوية جميع ما سأله، وكتب إليه جميع ما وثق به، واستخلفه مراغما لرسول الله حيث قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، فنكث زياد بيعة الحسن وأطاع معاوية بن أبي سفيان، ثم اجتمعت العساكر إلى معاوية من كل جانب ومكان، فتكاملت عنده ستون ألفا، فسار بهم إلى العراق، واستخلف الضحاك بن قيس الفهري على الشام، والحسن مقيم بالكوفة لم يشخص، فكتب له عبد الله ابن العباس من البصرة:
أما بعد فإن المسلمين ولوك أمورهم بعد علي، فشمر للحرب، وجاهد عدوك، وقارب أصحابك، واشتر من الضنين دينه بما لم يثلم لك دينا، وفضل أهل البويتات والشرف تصطلح به عشائرهم، حتى يكون الناس جماعة، فإن بعض ما تكره الناس إذا كانت عواقبه تؤدي إلى ظهور الحق، وعز الدين خير مما تحبه الناس، إذا كانت عواقبه تؤدي إلى ظهور الجور، وذل المؤمنين، وعز الفاجرين، واقتد بما جاء عن أئمة العدل، فقد جاء عنهم أنه لا يصلح الخداع إلا في الحرب، فإن الحرب خدعة، ولك في ذلك سعة إن كنت مجمعا على الحرب ما لم تبطل حقا، واعلم أن عليا أباك رغب الناس إلى معاوية، لأنه واسى بينهم في الفئ، وساوى بينهم في القسمة والعطاء فنفل عليهم، واعلم أنك تحارب من حارب الله ورسوله في ابتداء الاسلام حتى ظهر أمر الله، فلما وحد الرب ومحق الشرك وعز الدين أظهروا الايمان، وقرأوا القرآن مستهزئين بآياته، وقاموا إلى الصلاة كسالى، وأدوا الفرائض وهم كارهون، فلما رأوا أنه لا يعز في الدين إلا الأتقياء الأبرار، توسموا بسماء
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست