وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٩١
توثبك علي يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفعل في الدين معروف، ولا أثر في الاسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب وأعداء قريش لرسول الله ولكتابه، والله تعالى حسيبك، فسترد وتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقين ربك عن قليل ثم ليجزينك بما قدمت يداك (وما ربك بظلام للعبيد) (1)، إن عليا لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض ويوم يبعث حيا ولاني أمر المسلمين من بعده، فأسأل الله أن لا يؤتينا في هذه الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا عنده في الآخرة مما عنده من كرامته، وإنما حملني إلى الكتاب إليك الاعذار فيما بيني وبينك وبين الله تعالى في أمرك، ولك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم والصلاح للمسلمين، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس ممن تبعني، فإنك تعلم أني أحق بهذا الامر منك عند الله وكل أواب حفيظ ومن له قلب منيب، ودع البغي واحقن دماء المسلمين، فوالله مالك خير في أن تلقى الله بدمائهم أكثر مما تلاقيه به، وادخل في الاسلام والطاعة، ولا تنازع الامر أهله ومن هو أحق به منك، ليطفئ الله النائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين، وحاكمتك حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، وبلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذووا الحجى، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول:
[فإنا ومن قد مات منا لكالذي * يروح فيمسي في المبيت ليغتدي] [فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تجهز لأخرى مثلها فكان قد] ثم أرسل الكتاب إليه مع جندب الأزدي، فقدم به على معاوية، فقرأه وكتب جوابه:
أما بعد فقد وصل كتابك وفهمت ما ذكرت فيه، ولقد علمت بما حدث، فلم أفرح ولم آيس، وإن عليا أباك لكما قال أعشى بن تغلبة:

(1) سورة فصلت، الآية: 46.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست