وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٠٦
في الدين، قال: ثم أن معاوية قوض من النخيلة ودخل الكوفة ودخل الجامع، فأذن للناس بالحضور، فاجتمع الناس، فصعد المنبر وخطب خطبة طويلة أكثر فيها من الافتخار والتكبر، ثم قال للحسن: قم يا حسن واصعد المنبر وأخبر الناس بما جرى بيني وبينك من الصلح، فقام الحسن (ع) وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر النبي فصلى عليه، ثم قال:
إن أكيس الكيس التقي، وإن أحمق الحمق الفجور، وإنكم لو طلبتم ما بين جابلقا إلى جابرصا رجلا جده رسول الله لم تجدوا غيري وغير أخي الحسين، وقد علمتم أن الله تعالى هداكم بجدي رسول الله، وأنقذكم من الضلالة، ورفعكم من الجهالة، وأعزكم بعد الذلة، وكثركم بعد القلة، وأن معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت إصلاح الأمة وقطع الفتنة، وإن كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، فرأيت أن أصالح معاوية وأضع الحرب بيني وبينه، ورأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا إصلاحكم (وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) (1).
ثم نزل عن المنبر وحضر يوما المسجد وفيه معاوية وعمرو بن العاص وجماعة من بني أمية، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: لو أمرت الحسن يخطب على المنبر بمجمع من الناس، فربما يحصل له حصر فيكون أنقص لحظه بين الناس، فقال: نعم، فقال معاوية: قم يا حسن واخطب الناس، فامتنع الحسن، فناشده الله، فقام الحسن، فصعد المنبر، ثم قال:
الحمد لله الذي علا في توحده، وتفرد في ربوبيته، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، والحمد لله الذي أكرم بنا موضعكم، وأخرج من الشرك أولكم، وحقن دماء آخركم، فبلاؤنا عندكم قديما، وحديثنا أحسن حديثا، إن شكرتم أو كفرتم. ثم قال: أيها الناس إن رب علي كان أعلم بعلي

(1) سورة الأنبياء، الآية: 111.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست