وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٩٠
حتى قتل مظلوما، فطالبه الله بدمه، ومن يطلبه الله فلا يفوته، ثم ابتز الأمة أمرها وخالف جماعتها فخالفه نظراؤه من أهل السابقة والجهاد والقدم في الاسلام، فادعى أنهم نكثوا بيعته، فقاتلهم حتى سفكت الدماء واستحلت الحرم، أقبل علينا لا يدعي علينا بيعة، ولكنه يريد أن يملكنا اغترارا، فحاربنا وحاربناه، ثم صارت الحرب إلى أن اختار رجلا واخترنا رجلا ليحكما بما يصلح عليه الامر وتقوم به الجماعة والألفة، وأخذنا عليهما ميثاقا وعليه وعلينا مثله على الرضى بما يحكما، فأمضى الحكمان عليه الحكم بما علمت وخلعاه، فوالله ما رضي بالحكم ولا صبر له، فكيف تدعوني لأمر إنما تطلبه بحق أبيك وقد خرج منه، فانظر لنفسك ودينك والسلام.
وقال للحارث وجندب ارجعا، فليس بيني وبينه إلا السيف.
فرجعا للحسن ودفعا إليه الكتاب وأخبراه بما قال معاوية، وما أضمره من الشماتة بموت أمير المؤمنين (ع)، فكتب إليه الحسن كتابا يقول فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من الحسن بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك، فإني أحمد الله تعالى إليك الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإن الله جل جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين، وكافة إلى الخلق أجمعين، لينذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين، فبلغ رسالات الله، وأقام بأمر الله، حتى توفاه الله غير مقصور ولا وان، بعد أن أظهر الله به الحق، وقمع به الشرك، فلما توفي تنازعت العرب سلطانه فادعت قريش سلطانه، فسلمت لهم العرب ذلك، وجاحدتنا قريش حقوقنا، واستولوا على ظلمنا، ولنا الحجة الظاهرة عليهم، والسلطان المبين، فالموعد الله وهو نعم المولى ونعم النصير، ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا، وإن كانوا ذوي سابقة في الاسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يبيد، وأن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلبونه بنا، ويكون بذلك لهم سببا إلى ما أرادوا من إفساده، فاليوم فليتعجب المتعجب من
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست