[وسوف يورثهم فقدي على عجل * ذل الحياة بما خانوا وما غدروا] قال الراوي: ثم إن ابن ملجم قصد الكوفة مع الوفد الذين بعث بهم حبيب بن المنتجب عامل أمير المؤمنين ليتربص الفرصة، ودخل في جملتهم عليه وسلم كما سلموا، وكان طلق اللسان حسن المقال، فأعجب أمير المؤمنين (ع) لما سمع من مقالته، ورأى حسن تأدبه في أقواله وأفعاله، فسأله عن اسمه، فلما أخبره أطرق برأسه يفكر، ثم رفع رأسه وقال: أمرادي أنت أنت؟ ثلاث مرات وهو يقول: نعم فاسترجع أمير المؤمنين (ع) وحولق وتمثل ببيت ابن معد يكرب الزبيدي وهو يقول:
[أريد حياته ويريد قتلي * خليلي من عزيزي من مراد] ثم دعاه للبيعة واستحلفه مرارا كثيرة، وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يغدر به، فقال: ما رأيتك يا أمير المؤمنين فعلت بغيري مثلما فعلت بي، أتراك تؤكد على البيعة ثلاثا وتستحلفني ثلاثا؟ فقال: إني لا أرى أنك تفي بما عاهدت عليه، وستخضب هذه من هذا، وأشار إلى لحيته ورأسه، ولقد قرب وقتك وحان زمانك، فقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين هذه يميني وهذه شمالي فاقطعهما أو فاقتلني، فقال أمير المؤمنين: وكيف أفعل ولم تستوجب قبل شيئا؟ ولو أنني أعلم أنك قاتلي، لكن هل كانت لك حاضنة يهودية وكنت إذا بكيت تلطم وجهك وتقول لك اسكت يا من هو أشقى من عاقر ناقة صالح؟
قال: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين.
وفي بعض الروايات قال له: إذا أنا قتلتك فمن يقتلني وقد سبق القضاء، إنك قاتلي، فسمع ذلك مالك الأشتر رضي الله تعالى عنه والمقداد بن الأسود الكندي فجردا أسيافهما، وأتيا إلى أمير المؤمنين (ع) فقالا: ومن هذا الكلب الذي تخاطبه بما سمعنا، فأمرنا بقتله، فقال:
أفتأمروني بأن أقتل رجلا لم يفعل بعد شيئا؟
واجتمع نفر من أصحاب أمير المؤمنين وخواص شيعته، فقالوا: إنا