وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٤٦
الصلاة، فنزل أمير المؤمنين ونزل الناس معه، فقال (ع): أيها الناس إن هذه الأرض ملعونة قد عذبت في الدهر ثلاث مرات، وفي خبر مرتين، وهي تتوقع الثالثة، وهي أول أرض عبد فيها وثن، وهي إحدى المؤتفكات، وإنه لا يحل لنبي أو وصي نبي أن يصلي فيها، فمن أراد أن يصلي فليصل، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلون، وركب بغلة رسول الله (ص)، قال فمضيت خلفه، وقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين وأقلد به صلاتي اليوم، فمضيت خلفه، فوالله ما جزنا جسر سورى حتى غربت الشمس، فشككت، فالتفت إلي وقال: يا جويرية شككت؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنزل عن دابته في ناحية، فتوضأ ثم قام، فنطق بكلام لا أحسبه إلا كأنه بالعبرانية، ثم نادى الصلاة الصلاة، فنظرت والله إلى الشمس وقد خرجت من بين جبلين ولها صرير، فصلى العصر وصليت معه، فلما فرغنا من الصلاة غابت الشمس وعاد الليل كما كان أولا، واجتمع نفر من الخوارج وقالوا: إن عليا ومعاوية قد أفسدوا هذا الامر، فلو قتلناهم لعاد الامر إلى أهله، فقال رجل من أشجع:
وما أمر العاص بدونها وإنه أصل هذا الفساد، وتأسفوا على من قتل بالنهروان، فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي والبرك بن عبيد الله التميمي وعمرو بن أبي بكر التميمي فلو شرينا من الله أنفسنا والتمسنا غرة هؤلاء وقتلناهم لأرحنا منهم العباد والبلاد، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم عليا، فقيل له: وأنى لك به؟
قال: أغتاله، وقال البرك بن عبد الله: أنا أكفيكم معاوية، وقال عمر بن أبي بكر: أنا أكفيكم ابن العاص، ومضوا إلى البيت شرفه الله تعالى وتحالفوا على الوفاء بينهم، فأتى إلى أمير المؤمنين (ع) رجل من مراد وقال له: احرس نفسك يا أمير المؤمنين، فإن أناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: مع كل رجل ملكان يحفظانه ما لم يقدر عليه أحد، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وكفى بالأجل جنة حصينة، ثم إنه (ع) أنشأ يقول:
[تلكم قريش تمناني لتقتلني * فلا وربك ما فازوا وما ظفروا] [فإن بقيت فرهن ذمتي لهم * وإن عدمت فلا يبقى لهم أثر]
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست