الغاية القصوى وتسنم أوج الفصاحة التي تقصر عنها فصاحة المخلوقين، وهي دون فصاحة الخالق في القرآن المبين ولو بلغت شموسها من أفتى ألسنتهم الناطقة وظهرت كواكب بلاغتهم من بروج أفئدتهم الصادقة، ولقد أظهر مسحة من مسحات والده الممدوح جلا بها ظلماته والشبهات من غير أن يحتاج ذلك الكلام من تبيين أو شروح وأبرز نبيل كنانته محجبات شجاعته فما ترى غير مقتول ومطروح:
[ورثوا الشجاعة صاغرا عن كابر * حتى انتهت للسيد الممدوح] [وإلى الرسول أجل خلق الله في * علم وآداب وكشف فدوح] [حسدتهم الأيام حتى أمكنت * منهم طغاة أراذل وجموع] [فغدت دماؤهم تسيل بمنصل * قد سله جد لهم بفتوح] [يا ويلهم لم يعرفوا لمقامهم * عند الاله أليس بالمشروح] [في كتبه التوراة والإنجيل * والفرقان قد بانت بآي وضوح] [نفسي الفداء لهم وما أحويه من * مال وولد والجدود وروحي] [فلاء جعلن الدهر مدة مدتي * حزنا وأجعل مهجتي في روحي] وحيث أن في معاجزه عجزي عن ذكر ما فيها لقصوري عن تبوئي أدنى مراتبها فلنشرع في الفصل الثالث: