زحزح الناس عن أماكنهم ونهضهم عن مواضعهم ينادي أين المبارزون يمينا وشمالا فانقض عليه كأسود ونيق وكصيخورة منجنيق فوقصه وقض القطام بحجر الحمام واتى به إلى رسول الله (ص) كالبعير الشارد يقاد كرها وعينيه تدمع وأنفه يرمع وقلبه يجزع وكم له من يوم عصيب برز فيه إلى المشركين بنية صادقة وبرز غيره وقد كشف أميل أجم أعزل.
وقال رسول الله (ص): ألا أني أخبركم بخبر علي (ع)، إنه مني بأوباش كالمراطة بين الغموص أو حجابة وفقامة ومقدم ومهدم حملت به شوها شوها أقصى مميلها فاتت به محصنا وكلهم أهون على علي (ع) من سعدانة بغل أفبهذا يستحق من سلبه إليه واخذ الخلافة وأزالها عن الوارثة وصاحبها ينظر إلى فيئه وكأن الشبا مرعى تلبسه حتى إذا لعب بها فريق بعد فريق وخريق بعد خريق اقتصروا على ضراعة الوهز وكثرة الابز ولو ردوه إلى سمت الطريق والمرت البسيط والتامور العزيز ألفوه قائما واضعا الأشياء في مواضعها لكنهم انتهزوا الفرصة واقتحموا الغصة وباؤا بالحسرة قال: فأربد وجه الوليد وغص بريقه وشرق بعبرته كأنما فقئ في عينيه المض الحاذق.
فأشار عليه بعض جلسائه بالانصراف وهو يشك أنه مقتول فوجد بعض الاعراب الداخلين فقال له: هل لك أن تأخذ خلعتي الصفراء وآخذ خلعتك السوداء واجعل لك بعض الجائزة؟ فقبل الرجل، فخرج الاعرابي فاستوى على راحلته وغاص في بيدائه وتوغل في صحرائه واعتقل الرجل الآخر فضربت عنقه، فجئ به إلى الوليد فقال: ما هذا بصاحبنا وأنفذ الخيل السراع في طلبه فالحقوه بعد لأي.
فلما أحس بهم أدخل يده في كنانته يخرج سهما فسهما يقتل به فارسا فارسا إلى أن قتل أربعين فارسا وانهزم الباقون، فجاؤوا إلى الوليد فأخبروه بذلك فأغمي عليه يوما وليلة، فقالوا: ما تجد؟ فقال، أجد على قلبي غمة من فوت هذا الاعرابي ولله دره من أعرابي وناهيك به من مادح وممدوح، وقد بلغ