صوته، وإن قراءته كشبه مزامير داود (ع) وإنه من أعلم الناس وأرقهم وأشدهم اجتهادا وعبادة، وكرهت لأمير المؤمنين التعرض له فإن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فلما ورد الكتاب على عبد الملك سر بما انتهى إليه من الوالي وعلم أنه قد نصحه، فدعا يزيد بن الحسن فأقرأه الكتاب فقال: أعطاه وأرضاه فقال عبد الملك: فهل تعرف أمرا غير هذا؟ قال: نعم عنده سلاح رسول الله (ص) وسيفه ودرعه وخاتمه وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه فإن هو لم يبعث به وجدت إلى قتله سبيلا، فكتب عبد الملك إلى عامل المدينة أن أحمل إلى أبي جعفر (ع) ألف ألف درهم وليعطك ما عنده من ميراث رسول الله (ص).
فأتى العامل منزل أبي جعفر (ع) فأقرأه الكتاب فقال: أجلني أياما قال:
نعم فهيأ أبي متاعا ثم حمله ودفعه إلى العامل، فبعث به إلى عبد الملك فسر سرورا عظيما، وأرسل إلى زيد بن الحسن فعرض عليه ذلك فقال: والله ما بعث إليك من متاع رسول الله (ص) قليلا ولا كثيرا فكتب عبد الملك إلى أبي (ع) إنك أخذت مالنا ولم ترسل إلينا بما طلبنا، فبعث أبي (ع) إليه: إني قد بعثت إليك بما قد رأيت فإن شئت كان ما طلبت وإن شئت لم يكن، فصدقه عبد الملك وجميع أهل الشام وقال: هذا متاع رسول الله (ص) قد أتيت به ثم أخذ زيدا وقيده وبعث به وقال له: لولا أني أريد أن لا أبتلي بدم أحد منكم لقتلتك، وكتب إلى أبي (ع): بعثت إليك بابن عمك فأحسن أدبه، وأوصلك سرج هدية مني إليك، فلما أتي به قال أبي (ع): ويحك يا زيد ما أعظم ما تأتي وما يجري على يديك، والله اني لأعرف الشجرة التي نحت منها ولكن هذا قدر، فويل لمن أجرى الله على يديه الشر.
فأسرج له فركب أبي (ع) السرج فنزل أبي متورما وامر بأكفان له وكان فيه ثوب أحرم فيه وقال اجعلوه في أكفاني وعاش (ع) ثلاثا ثم مضى لسبيله، وذلك السرج عند آل محمد (ص) معلق ثم أن زيد بن الحسن بقي بعد ذلك أياما.