وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٩٨
الاسلام دينا) (1) والأرض لا تخلوا ممن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا.
فلما سمع هشام ذلك من أبي (ع) انقلبت عينه اليمنى واحولت واحمر وجهه، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنية، ثم رفع رأسه، فقال لأبي (ع): ألسنا بني عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟ فقال أبي: نحن كذلك، ولكن الله جل ثناؤه اختصنا من مكنون سره وخالص علمه بما لا يخص به أحدا غيرنا، فقال: أليس الله جل ثناؤه بعث محمدا (ص) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها؟ من أين ورثتم ما ليس لغيركم ورسول الله (ص) مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول الله تعالى (ولله ميراث السماوات والأرض) (2) الآية، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد (ص) نبي ولا أنتم أنبياء؟ فقال (ع): عن قوله تعالى لنبيه: (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (3) لم يحرك به لسانه لغيرنا، أمره الله أن يخصنا به من دون غيرنا، فلذلك كان يناجي أخاه عليا (ع) من دون أصحابه، فأنزل الله تعالى بذلك قرآنا في قوله تعالى (وتعيها اذن واعية) (4)، فقال رسول الله (ص) لعلي (ع) من دون أصحابه: سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي، فلذلك قال علي (ع) بالكوفة: علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم ففتح لي من كل باب ألف باب خصه رسول الله (ص) من مكنون سره بما لم يخص به أحدا من قومه حتى صار إلينا فورثناه من دون أهلنا.
فقال هشام: إن عليا (ع) كان يدعي علم الغيب والله تعالى لم يطلع على

(1) سورة المائدة، الآية: 3.
(2) سورة الحديد، الآية: 10.
(3) سورة القيامة، الآية: 16.
(4) سورة الحاقة، الآية: 12.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست