والنساء والصبيان، فما بقي أحد منهم إلا صعدوا السطوح وأبي (ع): مشرف عليهم.
فكان فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السن، فنظر إلى أبي (ع) على الجبل فنادى بأعلى صوته: اتقوا الله يا أهل مدين، فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب (ع) حين دعا على قومه، فإن أنتم لم تفتحوا له الباب ولم تنزلوه جاءكم من الله العذاب وإني أخاف عليكم وقد أعذر من أنذر، ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا. وكتب بجميع ذلك إلى هشام، فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل مدين أن يحتال في سم أبي (ع) في طعام أو شراب فلم يتهيأ من ذلك له شئ:
[بني أمية لا قرت عيونكم * بما جنيتم على أبناء ياسين] [جحدتم لحقوق أوجبت لهم * بنص قرآنه في آي تبيين] [حسدتموهم على ما خصهم ودعا * إلهم من ولاة الامر والدين] [أسقيتموهم سموما بعد ما نهلت * في دمهم عنوة بتر الملاعين] [أطفيتم لمصابيح الهدى فغدت * دياجي الكفر عمت كل مسكين] [يا نسل مروان ماذا قد أباح لكم * دم الرسالة يا نسل الملاعين] [أمليتم الأرض من جاري دمائهم * وقد غدوا بين مأسور ومسجون] [فما هشامكم قد عف مذ ملكت * يمينه عنهم من بعد تمكين] [سعى لقتلهم حتى أبادهم * عن البسيط بتنكيل وتوهين] [يا باقر العلم قد جلت رزيتكم * على القلوب فما دمعي بمخزون] [وقد تنسى لهاتيك الخطوب وقد * دكت معالم دين الله في حين] [الله يجبر كسرا قد أصابكم * بالقائم المرتجى بالنصر والعون] وفي كتاب كامل الزيارات عن أبي بصير (رض) عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: بعث هشام إلى أبي فأشخصه إلى الشام فلما دخل عليه قال له: يا أبا جعفر (ع) أنا بعثت إليك لأسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها