موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٢٧
في نفوس البقية الباقية من حملة الحديث، إلا أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لم يبالوا بهذا المنع وكانوا مستمرين ببث ما دونوه من الأحاديث. وبعد انقراض الحكم الأموي واستيلاء بني العباس على الحكم سنة 132 وبعد صراع مرير دار بين حكام بني أمية الذين عاثوا في الأرض فسادا وأبادوا الحرث والنسل، وبين بني العباس ودعاتهم في بادىء نهضتهم الذين رفعوا شعار " الرضا من آل محمد " كذبا وبهتانا، ليستغلوا نفوس الموالين والمحبين لأهل البيت (عليهم السلام).
وكان أبو العباس السفاح أول حكامهم ثم خلفه أبو جعفر المنصور الدوانيقي، وبقي في الحكم اثنين وعشرين سنة (136 - 158 ه‍)، وطد فيها أركان الدولة العباسية وثبت دعائم حكمها، وأخضع الخارجين عليها في كل أرجاء (الإمبراطورية) بالحديد والنار والنفي والتعذيب وملأ السجون، وقد كشرت عن أنيابها، وكشفت قناعها الحقيقي، ولم تعد دولة دينية كما دعت إليها في بدء نهضتها في صراعها مع الحكم الأموي البغيض.
وغصبت هذه الدولة حق أبناء علي (عليه السلام) والتي قامت باسمهم، ورفعت شعارهم " الرضا من أهل البيت "، وكان أحق بها منهم الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وكان الإمام (عليه السلام) عازفا عنها لمعرفته بحقيقة أمر بني العباس وزيف دعواهم، وعزوفه ورفضه فكرة التعاون الإيجابي بصراحة مع القوى المعارضة للحكم الأموي، والاكتفاء بالوقوف قريبا من الأحداث، والتطلع بحذر إلى ما يجري في الساحة وما ستتكشف عنه الوقائع بين الطرفين المتنازعين، لا يعني هذا عدم استجابة الإمام لنداء الأمة الصامت بالتخلص من مآسي الحكم الأموي البغيض وتجاوزاته التي أغفلت دور الرسالة في صنع الحياة الكريمة المعطاء للإنسان المسلم.
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»