موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٢٣
ينشأ عليها الصغير ويهلك الكبير " (1). والمرجح أن معاوية هو الذي فضل تسمية هذه البدعة ب‍ (السنة)، فسماها معه المغرورون بزعامته والمأخوذون بطاعته كما أحب، وظل الناس بعده على بدعته، إلى أن ألغاها عمر بن عبد العزيز " وأخذ خطيب جامع (حران) يخطب ثم ختم خطبته ولم يقل شيئا من سب أبي تراب كعادته، فتصايح الناس من كل جانب: ويحك ويحك السنة السنة، تركت السنة ".
ثم كانت (سنة معاوية) هي الأصل التأريخي لتكوين هذه الكلمة تكوينا اصطلاحيا آخر، تناسل مع الأجيال، وتنوسيت معه مناسباته السياسية الأولى.
ولنتذكر هنا، أن عليا (عليه السلام) سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين، فنهاهم، وقال لهم: " إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودمائهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به (2).
وظل سب علي (عليه السلام) وشتمه من على المنابر طيلة ألف شهر، وفرض البراءة منه ومن دينه الذي هو دين الإسلام، واللعن على شيعته ومحبيه، حتى نشأت عليه أجيال، وغرس جذور العداء بين المسلمين، وحتى هرم الكبير وشاب الصغير، وكأنهم بذلك يدفعون به إلى عنان السماء ويرفعونه عاليا حتى أصبحت أقدامه فوق رؤوسهم.

(1) مروج الذهب 2: 72.
(2) النهج 1: 420 - 421.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»