موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٨٦
وكذلك عجز المنصور عن اصطفاء خواص الإمام الصادق (عليه السلام). كما جرى له مع سفيان الثوري عندما لقيه في الطواف وسفيان لا يعرفه، فضرب بيده على عاتقه وقال: أتعرفني؟ قال سفيان: لا، ولكنك قبضت علي قبضة جبار، قال: عظني يا أبا عبد الله. قال: وما علمت فيما عملت فأعظك فيما جهلت؟ قال: فما يمنعك أن تأتينا؟ قال: إن الله نهى عنكم فقال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)، فمسح أبو جعفر يده به، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ألقينا الحب إلى العلماء فلقطوا، إلا ما كان من سفيان فإنه أعيانا فرارا (1).
ومع أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان حريصا على أن لا يكون منه ما يثير حفيظة المنصور، إلا أن المنصور كان يصفه بالشجا المعترض في حلوق الخلفاء (2).
وحاول قتله رغم اعترافه بأنه لا يجوز نفيه ولا يحل قتله (3).
ولما عمد إلى التخلص منه حاول محمد بن عبيد الله الإسكندري صرفه عن رأيه بقوله: إنه رجل أنحلته العبادة، واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة.
فأجابه المنصور: يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبإمامته، ولكن الملك عقيم (4).
ولقد كان أمر الإمام الصادق (عليه السلام) على المنصور أعظم من أمر عبد الله ابن الحسن. يظهر ذلك من خلال الحوار الذي جرى بين الإمام والمنصور حين استقدمه الأخير وهو غضبان، فعرض عليه ما يقوله أهل الحجاز والناس فيه

(١) ابن عبد ربه؛ العقد الفريد ٣: ١٠٩.
(٢) أمالي الصدوق: ٤٩٠. والمجلسي؛ بحار الأنوار ١١: ١٦٧.
(٣) المجلسي؛ بحار الأنوار ١١: ١٠٢.
(٤) ابن طاووس، مهج الدعوات: ٢٠١. والمجلسي؛ بحار الأنوار ١١: ٢٠٢.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»