موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٨٢
الصادق (عليه السلام) لأقسى مواجهة من بني عمه حتى جيء به وأوقف بين يدي محمد، فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم. فقال الإمام: " أحدثت نبوة بعد محمد (صلى الله عليه وآله)؟ " فقال له محمد: لا، ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا.
فكان جواب الإمام له الرفض وعدم التأييد. فقال له: والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك. فلما أبى عليه ورفض مبايعته أمر به إلى السجن (1).
مع أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان يشفق عليه ويرق له لأنه يدعي أمرا ليس له (2).
إن موقف الإمام الصادق (عليه السلام) إزاء الثورات العلوية كان يختلف باختلاف المضمون الذي تتحرك على أساسه، وحين لا يصطدم ذلك المضمون مع مبدأ انحصار الإمامة والخلافة بالأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، والذي يمثل وجهة نظر الإمام باعتباره أحدهم، لا يكون أي تناقض في المواقف. كما هو الحال بالنسبة لثورة عمه زيد بن علي. أما حين يصطدم مضمون الثورة مع المبدأ المذكور، فلا مناص من تناقض المواقف واصطدامها، كما هو الحال بالنسبة لثورة محمد وأخيه إبراهيم (3).
ورغم تناقض الموقف تجاه الثورة ما بين الإمام الصادق وبني الحسن، إلا أن الكارثة التي ألمت ببني الحسن أخذت من الإمام مأخذا عظيما، فامتلأ قلبه بالحزن والأسى وفاضت عيناه وجرت دموعه على لحيته وهو ينظر إلى بني الحسن بعد أن قبض عليهم المنصور وسيرهم من المدينة قال: "... والله لا تحفظ لله حرمة

(١) الكليني؛ أصول الكافي ١: ٣٦٣.
(٢) الكليني؛ روضة الكافي: ٣٢٣. والمجلسي؛ بحار الأنوار ١١: ٢٧٢.
(3) محمد جواد فضل الله؛ الإمام الصادق: 231.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»