موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٨١
لم يتخلف عني أحد من أصحابك، ولم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم.
فقال له الإمام: " إنك تجد غيري أطوع لك مني، ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني أريد البادية أو أهم بها فأثقل عنها، وأريد الحج فما أدركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي، فاطلب غيري وسله ذلك، ولا تعلمهم أنك جئتني ". فقال عبد الله:
إن الناس مادون أعناقهم إليك، وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد، ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها (1).
وتذهب جهود عبد الله بن الحسن سدى في محاولة إقناع الإمام الصادق (عليه السلام) بأخذ البيعة لولده محمد. فلقد نصحه الإمام بعدم التعرض لهذا الأمر، وحذره مغبته، بل وأكثر من ذلك أظهر له حبه وعطفه وصدق نيته تجاهه " يا ابن عم: إني أعيذك بالله من التعرض لهذا الأمر الذي أمسيت فيه، وإني خائف عليك أن يكسبك شرا ".
فيقول له عبد الله: بل يغني الله عنك، ولتعودن أو ليفي الله بك وبغيرك، وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك، وأن تكون ذريعتهم إلى ذلك. فقال الإمام: " الله يعلم ما أريد إلا نصحك ورشدك وما علي إلا الجهد " (2).
وهناك من يذهب إلى القول بأن امتناع الإمام الصادق عن تأييد محمد لأن ثورته فتنة، والإمام لا يؤيد الفتن، مستندا إلى قول الإمام الصادق (عليه السلام):
" إنها فتنة يقتل فيها محمد عند بيت رومي، ويقتل أخوه بالعراق وحوافر فرسه في الماء " (3).
ولما لم يفلح محمد بن عبد الله في إحراز تأييد الإمام وبيعته، تعرض الإمام

(١) الكليني؛ أصول الكافي ١: ٣٥٩. والمجلسي؛ بحار الأنوار ١١: ٢٨٠.
(٢) الكليني؛ أصول الكافي ١: ٣٥٩ و ٣٦٠. والمجلسي؛ بحار الأنوار ١١: ٢٨٠ - 282.
(3) تأريخ الطبري 7: 600 و 601. ومحمد أبو زهرة؛ الإمام الصادق: 25.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»