موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٨٩
وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك النسل "، فتبسم المنصور وقال له: مثلك فليكن زعيم قومه، وقد عفوت عنكم، ووهبت لكم جرم أهل البصرة (1).
وقد وضع المنصور العيون والجواسيس على شيعة الإمام، وعندما دخل عليه سفيان الثوري قال له الإمام (عليه السلام): " أنت رجل مطلوب، وللسلطان علينا عيون، فأخرج عنا غير مطرود " (2). وكان الإمام يشكو من شدة الرقابة التي منعت أتباعه من زيارته فيقول: " أشكو إلى الله وحدتي وتقلقلي من أهل المدينة حتى تقدموا وأراكم وأسر بكم " (3).
إن شدة الرقابة على الإمام الصادق (عليه السلام) إنما هي محاولة لضرب القاعدة التي بناها في أوساط الأمة، وضرب الجماعة التي كانت ترتبط به، والتي أشرف على تعليمها، وخطط لسلوكها وحماية وجودها وتنمية وعيها، وإمدادها بكل الأساليب التي تساعدها على الصمود، والارتفاع بها إلى مستوى الحاجة الإسلامية (4). وإشعار الآخرين بالضرورة الأمنية في الابتعاد عن مثل أجواء الإمام التي تخضع للرقابة الصارمة من أجهزة السلطة الحاكمة. فلذلك كان يوصي أصحابه وقواعده بالحذر والمحافظة التامة على طابع العمل السري (التقية) في كل عمل ينفذونه حذرا من تربص القوى المناهضة (5). وكان يؤكد على العمل

(١) الاصفهاني، مقاتل الطالبيين: ٣٠١.
(٢) ابن شهر آشوب؛ مناقب آل أبي طالب ٤: ٢٤٨.
(٣) رجال الكشي ٢: ٦٥٣.
(٤) السيد محمد باقر الصدر، مقال: دور الأئمة، دائرة المعارف الإسلامية 2: 94.
(5) عادل الأديب، الأئمة الإثنا عشر: 177. ومحمد جواد فضل الله، الإمام الصادق: 283.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»