الصادق (عليه السلام) إلى العراق عدة مرات ليتأكد من عدم قيادته للحركات السرية المناهضة للحكم.
ولما كان الإمام الصادق (عليه السلام) يفرض سياسة المقاطعة على الحكم العباسي، أدرك المنصور أن ذلك سيؤدي إلى إضعاف مركزه، وسلب الصفة الشرعية التي كان يضفيها على نفسه، مما قد يؤدي إلى التخلص منه، ولذلك عمد إلى استمالة الإمام الصادق (عليه السلام) فكتب إليه: لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فكتب الإمام الصادق إليه: " ليس لنا من أمر الدنيا ما نخافك من أجله، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنهنئك، ولا تراها نقمة فنعزيك ".
فكتب إليه المنصور: تصحبنا لتنصحنا.
فأجابه الإمام (عليه السلام): " من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك ".
فقال المنصور: والله لقد ميز عندي منازل الناس من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة، وإنه ممن يريد الآخرة لا الدنيا (1).
وقد بين له الإمام أنه لا يمكن أن يكون له ناصرا ومعينا إلا إذا أطاع الله، وأمر بالعدل والمعروف والإحسان، وأمضى أحكام القرآن (2). ولم يخف على الإمام قصد المنصور عندما أراد أن يصطفيه ويجعله من أتباعه ليعلم الناس أنه الخليفة غير مدافع، فتنقطع بذلك الشيعة عن مراجعة الإمام، ويظهر لهم أنه تبع للمنصور (3).