موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٩٥
صحيحة، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري، ولكيلا تكون كلا على أهلك، فإن شئت رزقتك، وإن شئت قترت عليك وأنت معذور عندي، ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو. يا رب ارزقني، فيقول الله:
ألم أرزقك رزقا واسعا، أفلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف وقد نهيتك، ورجل يدعو في قطيعة رحم ".
ثم علم الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف ينفق، وذلك أنه كانت عنده (صلى الله عليه وآله وسلم) أوقية من ذهب فكره أن يبيت عنده شيء فتصدق وأصبح ليس عنده شيء. وجاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل، واغتم هو (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رقيقا، فأدب الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمره إياه فقال:
(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) (1)، يقول: إن الناس قد يسألونك ولا يعذرونك، فإذا أعطيت جميع ما عندك كنت قد خسرت من المال. فهذه أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصدقها الكتاب، والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين.
وقال أبو بكر عند موته حيث قيل له: أوص، فقال: أوصي بالخمس، والخمس كثير، فإن الله قد رضي بالخمس، فأوصى بالخمس، وقد جعل الله عز وجل له الثلث عند موته، ولو علم أن الثلث خير له أوصى به.
ثم من قد علمتم بعده في فضله وزهده سلمان وأبو ذر رضي الله عنهما، فأما سلمان (رضي الله عنه) فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتى يحضره عطاؤه من قابل. فقيل له: يا أبا عبد الله، أنت في زهدك تصنع هذا، وإنك لا تدري

(1) سورة الأسرى، الآية 31.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»