وهكذا أخفقت المؤامرة، فإن وجود علي (عليه السلام) ألقى الرعب في قلوب المنافقين والمتآمرين، وآيسهم من القيام بأي تحرك في المدينة، فراحوا يعزفون على وتر آخر؛ فإن غزوة تبوك كانت الغزوة الوحيدة التي لم يشهدها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقرار النبي (صلى الله عليه وآله)، ولما طرأ من أحداث في المدينة (1). فأرجفوا أن عليا تخلى عن الحرب وخذل النبي ولم يرافقه مع رغبة النبي في حضوره معه. فما كان من الإمام (عليه السلام) إلا أن هرع إليه (صلى الله عليه وآله) قبل مغادرته، وأخبره بأراجيفهم، فنطق النبي (صلى الله عليه وآله) عندئذ كلمته الخالدة العظيمة في حقه: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (2).
وهكذا أحبطت هذه المؤامرة في مهدها، وسجل التاريخ لعلي (عليه السلام) أسطع المناقب أمام أنظار الناس.
237 - الطبقات الكبرى عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: لما كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: إنه لابد من أن أقيم أو تقيم، فخلفه، فلما فصل رسول الله (صلى الله عليه وآله) غازيا قال ناس: ما خلف عليا إلا لشيء كرهه منه.
فبلغ ذلك عليا، فاتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى إليه، فقال له: ما جاء بك يا علي؟! قال: لا يا رسول الله إلا أني سمعت ناسا يزعمون أنك إنما خلفتني لشيء كرهته مني!! فتضاحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا علي، أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى غير أنك لست بنبي؟! قال: بلى يا رسول الله، قال: فإنه