وقال قائل: والله لم أر خفرة (1) قط أنطق منها، كأنها تنطق وتفرغ عن لسان علي (عليه السلام).
وكان ابن زياد قد أثمله التكبر، ومرد على الضراوة والتوحش، فنال من آل الله؛ فانبرت إليه الحوراء وألقمته حجرا بكلماتها الخالدة التي أخزته. ومما قالت:
لعمري لقد قتلت كهلي، وأبرت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي؛ فإن يشفك هذا فقد اشتفيت (2).
وعندما نظرت إلى يزيد متربعا على عرش السلطة ومعه الأكابر ومندوبون عن بعض البلدان - وكان يتباهى بتسلطه، ويتحدث بسفاهة مهولا على الآخرين، ناسبا قتل الأبرار إلى الله - قامت إليه عقيلة بني هاشم، فصكت مسامعه بخطبتها البليغة العصماء. ومما قالته فيها:
أمن العدل - يا بن الطلقاء - تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا! قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد؟! (3) وبتلك الكلمات القصيرة الدامغة ذكرته بماضي أهله حين قبض عليهم أذلاء في مكة ثم أطلقوا بعد أن أسلموا خائفين من بارقة الحق، فدلت على عدم