سميت أم المصائب، وحق لها أن تسمى بذلك! فقد شاهدت مصيبة وفاة جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومصيبة وفاة أمها الزهراء (عليها السلام) ومحنتها، ومصيبة قتل أبيها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ومحنته... وحملت أسيرة من كربلاء (1).
كانت (عليها السلام) مع أخيها الحسين (عليه السلام) منذ بدء الثورة، وكانت رفيقة دربه وأمينة سره.
فليلة عاشوراء وحوارها مع أخيها، ويوم عاشوراء وحفاوتها بالشهداء، وليلة الحادي عشر ورثاؤها المؤلم لأخيها، وجلوسها عند جثمانه المدمي، وخطابها لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، كل أولئك من الصفحات الذهبية الخالدة في حياتها المليئة بالجلالة والرفعة، المصطبغة بالصبر والجلد.
تولت شؤون السبايا بعد عاشوراء بجلال وثبات، وعندما رأت الكوفيين يبكون على أبناء الرسول (صلى الله عليه وآله) خاطبتهم قائلة:
يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر والخذل! ألا فلا رقأت العبرة ولا هدأت الزفرة! إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا!... أتدرون - ويلكم! - أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فريتم (2)؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي حرمة له هتكتم؟! وأي دم له سفكتم؟! (3) كان لها لسان علي حقا! وحين نطقت بكلماتها الحماسية، فإن أولئك الذين طالما سمعوا خطب الإمام، ها هم يرونه بأم أعينهم يخطب فيهم!