للعبيد) * فإلى الله المشتكى وعليه المعول. فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا يدحض عنك عارها وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: * (ألا لعنة الله على الظالمين) * فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة. ونسأل أن يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل ".
الانتصار الثاني:
ذكر المؤرخون أن يزيد أمر بمنبر وخطيب ليخبر الناس بمساوئ الحسين وعلي (عليهما السلام) وما فعلا، فصعد الخطيب المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم أكثر الوقيعة في علي والحسين (عليهما السلام) وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد، فذكرهما بكل جميل. قال: فصاح به علي بن الحسين (عليه السلام): " ويلك أيها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوء مقعدك من النار ". ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام): " يا يزيد إئذن لي حتى أصعد هذه الأعواد فأتكلم بكلمات لله فيهن رضي ولهؤلاء الجلساء فيهن أجر وثواب ". قال: فأبى يزيد عليه ذلك، فقال الناس: يا أمير المؤمنين أئذن له فليصعد المنبر فلعلنا نسمع منه شيئا.
فقال: انه إن صعد لم ينزل إلا بفضيحتي وبفضيحة آل أبي سفيان.
فقيل له: يا أمير المؤمنين وما قدر ما يحسن هذا؟
فقال: ان هذا من أهل بيت قد زقوا العلم زقا.
فلم يزالوا به حتى أذن له، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم خطب خطبة أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب، ثم قال:
أيها الناس أعطينا ستا وفضلنا بسبع: أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدا، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمة، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، أيها الناس أنا ابن مكة ومنى، أنا