وأخيرا.. نعم للوفاء بأخلاق الحسين (عليه السلام) أبدا.. ما مات الحسين (عليه السلام) لأن الأخلاق التي تعلقت بشخصية الحسين العظيمة قد تعلقت بالحقيقة الباقية المستمدة من بقاء الله الحق. فلولا وفاء الحسين لدين الله وولاؤه لأخلاقية الله لما كان يضحي محبوه على امتداد القرون بعده ما عندهم من غال ورخيص في سبيل استقامة الدين والأخلاق وهداية الناس إلى الحق. ولما كان يهتدي إلى ذلك المسلمون وغير المسلمين. وهذا من ثمرة الأخلاق الدينية التي مارسها الحسين (عليه السلام) في حياته مع الناس.
وهنا ننقل مثالا واحدا من بين ما لا يعده من الأمثلة الا الله تعالى، فقد ذكر المؤرخون أن عبيد الله بن زياد - لعنه الله - بعد ما عرض عليه رأس الحسين (عليه السلام)، دعا بخولي بن يزيد الأصبحي - لعنه الله - وقال له: خذ هذا الرأس حتى أسألك عنه.
فقال: سمعا وطاعة، فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان أحدهما ثعلبية والاخرى مضرية، فدخل على المضرية، فقالت: ما هذا؟
فقال: هذا رأس الحسين بن علي (عليهما السلام) وفيه ملك الدنيا.
فقالت له: أبشر، فإن خصمك غدا جده محمد المصطفى، ثم قالت: والله لا كنت لي ببعل ولا أنا لك بأهل، ثم أخذت عمودا من حديد وأوجعت به دماغه.
فانصرف من عندها، وأتى به إلى الثعلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟
قال: رأس خارجي خرج على عبيد الله بن زياد.
فقالت: وما اسمه، فأبى أن يخبرها ما اسمه، ثم تركه على التراب وجعله على إجانة (1).
قال: فخرجت امرأته في الليل فرأت نورا ساطعا من الرأس إلى عنان السماء، فجاءت إلى الإجانة فسمعت أنينا، وهو يقرأ إلى طلوع الفجر، وكان آخر ما قرأ: * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * (2) وسمعت حول الرأس دويا كدوي الرعد، فعلمت أنه تسبيح الملائكة.