من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٥١
حقا إن ود الحسين لأصحابه وودهم له (عليه السلام) تعجز الموازين البشرية عن دركه، لأنه ود متصل بالغيب، وهو فوق إدراك البشر، والسؤال هنا: كيف يتكون هذا الود حتى يصل إلى هذه الدرجة المحيرة للعقول البشرية؟
إنه يتكون بالإيمان بالله واليوم الآخر، وللإيمان هذا آداب وأخلاق قد تجسدت في سلوك الحسين وأصحاب الحسين (عليه السلام). وتلك مالم يفهمها الذين لا يؤمنون بالغيب.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - الأخلاق الجميلة كالحبل المتين يربط الأجزاء ببعضها ويوثق العلاقة القريبة بينها.
2 - إن الحب بين المؤمنين يصنع المعاجز الأخلاقية والسعادة والهناء والملاحم البطولية الرائدة في التاريخ.
3 - الوفاق الإيماني فوق الحدود البشرية، ولابد منه لخلق التماسك والوحدة في صفوف المؤمنين.
E / في معاني التضامن والمودة العائلية إذا كانت من مكارم الأخلاق خصال مثل الاحترام والأدب والتعاون والعطف وتفقد الأحوال والسؤال عن الأحباب، وبذل الوسع في نصرة المظلوم، والطاعة للإمام المعصوم، والعمل لتخليد القيم عبر القرون، فإن الإمام الحسين وابنه علي السجاد وأخته زينب عقيلة بني هاشم ومن سار على نهجهم قد مثلوا تلك المكارم في أجمل وأكمل صورها. تأمل في النص التاريخي التالي لتزداد إيمانا بهذه الحقيقة: لما ضاق الأمر بالحسين (عليه السلام) وبقي وحيدا فريدا، التفت إلى خيم بني أبيه فرآها خالية منهم، ثم التفت إلى خيم بني عقيل فوجدها خالية منهم، ثم التفت إلى خيم أصحابه فلم ير منهم أحدا، فجعل يكثر من قول: " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ".
ثم ذهب إلى خيم النساء، فجاء إلى خيمة ولده زين العابدين (عليه السلام) فرآه ملقى على نطع من الأديم، فدخل عليه وعنده زينب تمرضه، فلما نظر إليه علي بن الحسين (عليه السلام) أراد
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»