مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٩٤
(ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون * قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم * قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين) الحجر: 51 - 55.
وكذلك زوجته على ما حكاه الله تعالى في قصة بشارته أيضا، إذ قال تعالى:
(وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) هود: 71 - 73.
وكلامهما كما ترى يلوح منه آثار اليأس والقنوط ولذلك قابلته الملائكة بنوع كلام فيه تسليتهما وتطييب أنفسهما، فما كان هو ولا أهله يعلم أن سيرزق ذرية.
وقوله عليه السلام: (ومن ذريتي) بعد قوله تعالى: (إني جاعلك للناس إماما) قول من يعتقد لنفسه ذرية، وكيف يسع من له أدنى ذربة بأدب الكلام، وخاصة مثل إبراهيم الخليل في خطاب يخاطب به ربه الجليل أن يتفوه بما لا علم له به؟
ولو كان ذلك لكان من الواجب أن يقول ومن ذريتي إن رزقتني ذرية أو ما يؤدي هذا المعنى، فالقصة واقعة كما ذكرنا في أواخر عهد إبراهيم عليه السلام.
9 - لا يعهد الله تعالى الإمامة إلى من اقترف ظلما في حياته:
وبالتأمل في آية (إمامة إبراهيم) نلتقي حقيقة أخرى غير جعل إمامة الناس لإبراهيم عليه السلام، وهي حقيقة ذات أهمية كبيرة في مسألة الإمامة، وتلك الحقيقة هي أن الله تعالى لا يعهد أمر الإمامة العامة (الكبرى) للناس إلى من اقترف ظلما في حياته.
فإن الآية الكريمة ذات فصلين، في الفصل الأول تنبئ عن أن الله تعالى جعل إبراهيم عليه السلام، بعد أن أتم كلماته، إماما للناس، وفي الفصل الثاني تذكر الآية الكريمة
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»