مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٩٧
هذا الإصرار لا يصنع شيئا بالتأكيد، فإن الآية الكريمة واضحة في أن الإمامة غير النبوة، وقد كان إبراهيم عليه السلام نبيا عندما خاطبه الله تعالى بالإمامة وجعله إماما، وقد شرحنا ذلك في الفقرة السابقة من هذا البحث.
ونزيد الآن أن هذه الإمامة التي حبا الله تعالى بها عبده وخليله إبراهيم عليه السلام إنما جعلها الله تعالى له بعد أن أتم إبراهيم عليه السلام الكلمات. وقد أتم إبراهيم عليه السلام الكلمات في كبر سنه وتقدم عمره، وعليه فلا يمكن أن تكون الإمامة في هذه الآية المباركة هي النبوة، لأن إبراهيم عليه السلام كان نبيا مطاعا عندما خاطبه تعالى بهذا الخطاب.
11 - الكلمات التي أتمها إبراهيم عليه السلام:
والكلمات التي ابتلى الله تعالى بها عبده وخليله إبراهيم عليه السلام هي الابتلاءات الصعبة التي ابتلاه بها فأتمهن إبراهيم عليه السلام، أو أتمهن الله تعالى له بفضله ورحمته فاجتازها إبراهيم عليه السلام، والتي يذكر منها القرآن قصة الكواكب والقمر والشمس، وتحدي قومه في عبادة الله تعالى، واستنكار عبادة الكواكب والشمس والقمر، وقصة كسر الأصنام في المعبد، وقصة إلقائه في النار، وتسيير أهله أم إسماعيل، وإسماعيل إلى واد غير ذي زرع، ثم بعد ذلك محاولة ذبح ولده إسماعيل وهي أشقهن وأصعبهن.
وقد قال تعالى عنها: (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك) (إن هذا لهو البلاء المبين) الصافات: 102، 106.
تلك هي الابتلاءات التي ابتلى بها الله تعالى عبده وخليله إبراهيم، وبهذه الابتلاءات استحق إبراهيم عليه السلام أن يجعله الله تعالى إماما... والآية الكريمة صريحة في ذلك وواضحة (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك...)
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»