الأسس التي يقوم عليها التشريع الفقهي واما ما ذكره من أن الفقه عند أهل السنة وعند الشيعة لا يرجع إلى أصول مسلمة عند الفريقين، وان التشريع الفقهي عند الأئمة الأربعة من أهل السنة قائم على غير الأسس التي يقوم عليها التشريع الفقهي عند الشيعة.
فجوابه: ان الفقه عند جميع المسلمين من الشيعة وأهل السنة يرجع إلى الكتاب والسنة، والشيعة من أشد الناس تمسكا بهما ان لم نقل انهم أشد الفريقين في ذلك، ومع ذلك كيف تكون الأسس التي قام عليها التشريع الفقهي عند أهل السنة غير الأسس التي قام عليها عند الشيعة، وما الفرق بين السني والشيعي في هذه الأسس؟ نعم لا يجوز عند الشيعة اعمال القياس والاستحسان والرأي في الشريعة، كما هو المعمول به عند بعض روسا المذاهب الأربعة، لان القول بجواز العمل بالقياس والاستحسان يفضى عندهم إلى القول بنقص الشريعة التي لم تترك شيئا من الأمور الدينية والدنيوية الا وقد بينت حكمها، ولعدم مسيس الحاجة إلى اعمال القياس، لامكان استخراج احكام جميع الوقايع والاحداث والقضايا من الكتاب والسنة، وعدم وجود واقعة لا يمكن ادراجها تحت الاحكام الكلية، وذلك لم يكن من مختصات الشيعة.
ولا يخفى عليك ان أكثر الخلافات الواقعة في الفقه يرجع إلى اختلاف الاجتهاد في استخراج الحكم من النصوص، وثبوت بعض الأحاديث عند مجتهد، وعدم ثبوته عند مجتهد آخر.
هذا مضافا إلى أنه لا ملزم لتبعية المجتهد للأسس التي قام عليها التشريع الفقهي بحسب مذهب خاص، ولا ان يكون مقيدا بطريقة امام خاص كالشافعي وأبي حنيفة وغيرهما، بل يجب ان يكون المتبع هو الأسس التي قام عليها التشريع الاسلامي (الكتاب والسنة) سواء وافق رأى أهل مذهب خاص أم لم يوافق، فان وافق اجتهاد مجتهد في مسالة فتوى الشافعي، وفى مسالة فتوى الحنفي، وفى مسالة فتوى المالكي، وفى مسالة فتوى مجتهد شيعي لا باس به، فان المحذور مخالفة الأصول التي قام عليها التشريع الاسلامي لا الأسس التي قام عليها اجتهاد مجتهد خاص.