مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٣
الاسلامية الوثيقة، والتي جعلت شعارها القوميات الضيقة المحدودة، وتشدقت بالدفاع عنها، ولم تكترث بأوضاع العالم الاسلامي، وما يصيب المسلمين في غير إقليمها من الضعف والاضطهاد، فلا تخدم الا أعداء الاسلام ما لم تجعل شعارها الوحيد الاحتفاظ بمصالح المسلمين وتحقيق أهداف الاسلام في شرق الأرض وغربها.
فيا الله، يا منزل القرآن، ويا منزل سورة التوحيد وحد حكوماتنا، وخلص المسلمين من كل حكومة انفصالية إقليمية، واجمعهم تحت راية حكومة اسلامية واحدة.
المسلمون شعارهم واحد، ومقصدهم واحد، وعقيدتهم واحدة، لا يعين المسلم غير المسلم على أخيه المسلم، ولا يرغب المسلم في حكومة قامت على خيانة المسلمين، ولا يذل نفسه عند الكفار لتعينوه حاكما على المسلمين.
المسلم لا يكتب ما يوجب اشتداد البغضاء والتنافر بين إخوانه، ويمنعهم عن التقارب والتفاهم.
هذا شئ يسير من تأثير السياسات الغاشمة في الأمة الاسلامية، ولم يبق منها في هذا العصر ما يمنع من التوفيق بين المذاهب، واتحاد المسلمين واجتماعهم تحت لوا الاسلام الا بعض العصبيات الجامدة التي ليس ورائها حقيقة، ولا مصلحة للمسلمين، والا دعايات الاستعماريين (من الشيوعيين والرأسماليين) وقد قام بينهما الصراع في استعمار ممالك المسلمين، وكل منهما يريد ان يستعمر، ولا يرى الا ما فيه مصلحة لنفسه أبعدهما الله عن المسلمين وممالكهم، وخذل عمالهما وكل حكومة تأسست على رعاية منافعهما، وموادة من حاد الله ورسوله.
هذا بلا المسلمين في عصرنا، ومنه يتوجه الخطر عليهم، وهذه السياسة هي التي لا تتوخى الا فقر المسلم وجهله، وهذه هي التي تشيع الفحشاء في المسلمين، وتبيح بيع الخمر والقمار والربا، تدعو إلى السفور، وتروج الدعارة والتحلل، وخروج النساء سافرات عاريات.
هذه السياسة هي التي تريد اشتغال المسلمين بالملاهي والمعازف، وانصرافهم عن حقايق الاسلام والقرآن، وتروج البطالة، ولا تحب اشتغال المسلمين بالعلوم النافعة والصنايع، وتأسيس المعامل حتى لا يباع في أسواقهم الا أمتاع المستعمرين.
واما السياسات العاملة لتفريق المسلمين في القرون الأولى والوسطى فقد قضى
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»