التفسير والحديث والكلام والفقه على الملا الاسلامي، وبعد اعلانهم عقائدهم على رؤوس المنابر، وفى الجرائد والمجلات، وبعد هذه التجاوبات الحاصلة بين الفريقين، وبعد المشافهات التي وقعت بين عظمائهم من العلماء وغيرهم حيث يزور إخواننا من أهل السنة بلاد الشيعة، ومعاهد علومهم الدينية، ويشاهدون بأعينهم التزام الشيعة بشعائر الاسلام، ويحضرون مدارسهم، ومحاضراتهم في العقائد وفى الفقه، هل يمكن للشيعة التظاهر في عقايدهم بغير ما يبطنون؟ وهل ينتفعون باخفاء عقايدهم.
أيزعم الخطيب ان علماء الأزهر، وأقطاب التقريب لم يطلعوا على ما اطلع عليه من كتب الشيعة، ولم يدركوا حقيقة مذهب الإمامية وآرائهم في التقية وغيرها؟
أليس شيخ الأزهر أبصر من الخطيب ونظرائه بالمذاهب الاسلامية؟ هذا المصلح الذي أدرك بعلمه الواسع وغيرته على الاسلام والمسلمين ضرورة الاتحاد والاتفاق، وامكان التقريب بين الطائفتين، فقام لله وادى ما عليه من نصيحة الأمة، ورفع الجفوة، فأيد الزعماء المصلحين، وأسلافه من مشايخ الأزهر كالعلامة الكبير الشيخ عبد المجيد سليم باصدار فتواه التاريخية بجواز التعبد بمذهب الإمامية وجواز الانتقال من ساير المذاهب إلى هذا المذاهب.
الا يصير أضحوكة الناس من يقول إن الشيعة حيث يقولون بالتقية لا يقبل منهم اقرار واعتراف في عقائدهم، وانهم يبطنون خلاف ما يظهرون.
أليست التقية جايزة عند السنيين؟
ألم يعمل بالتقية الصحابي الجليل عمار بن ياسر ونزل فيه: (الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان).
قال الواحدي في أسباب النزول: قال ابن عباس: نزلت يعنى قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد ايمانه) في عمار بن ياسر، وذلك أن المشركين اخذوه وأباه ياسرا، وأمه سمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما، فاما سمية فإنها ربطت بين بعيرين، ووجى قبلها بحربة، وقيل لها انك أسلمت من اجل الرجال فقتلت، وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيلين قتلا في الاسلام، واما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بان عمارا كفر، فقال: كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الايمان بلحمه ودمه، فاتى عمار رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكى، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح عينيه وقال: ان عادوا لك فعد لهم بما قلت، فأنزل الله هذه الآية.
ونحن ننقل كلمات بعض اعلام الفريقين في التقية حتى يعلم أن القول بها متفق عليه بين فرق المسلمين غير الخوارج، فإنه ينقل انهم منعوا التقية مطلقا.